الحديث عن الجن ليس من الترف الفكري، وليس من تضييع الوقت في حكايات طريفة بعيدا عن واقع الحياة ، ولكن الحديث عن الجن واستظهار ما جاء بشأنهم من نصوص الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم من شأنه أن يمنع الشطط الذي يمكن أن يقع فيه الإنسان في تحديد مفهوم هذه المخلوقات الغريبة، ومن شأنه أن يحدد بوضوح للمسلم قيمة هذا المخلوق وقدرته ومجالات عمله وإغوائه ومدى قدرته على التسلط على بني الإنسان حتى لا يترك عقله لثقافة الخرافة في هذا الشأن المهم.

هل الجن يسرقون أموال الناس:

بينما يحار الإنسان عند فقد ماله، ويذهب في تفسير ذلك كل مذهب، بعد أن يجزم بأن أحدا لم يقتحم عليه حرزه، فإذا به يذهب إلى أنه ليس مستبعدا أن يكون الجن هم الذين خطفوا منه أمواله….فإنه بالوقوف على السنة الصحيحة يعلم أن هذا ضرب من المستحيل متى كانت أمواله محفوظة في حرزها، وذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ”   ” أغلِقوا الأبوابَ وأوْكوا السِّقاءَ وخمِّروا الإناءَ وأطفِئوا المصباحَ فإنَّ الشَّيطانَ لا يفتَحُ غَلَقًا ولا يحُلُّ وِكاءً ولا يكشِفُ إناءً وإنَّ الفُوَيْسقةَ تُضرِمُ على النَّاسِ بيتَهم”.

هل الجن مكلفون كالإنس:

هذا ، ومما يجب أن يعلم المسلم أنه قد ثبت في القرآن الكريم أن الجن مكلفون كالبشر ورسلهم من البشر ، قال تعالى : “يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130)  [الأنعام/130، 131] .

وقد حضر وفد من الجن وسمعوا القرآن من الرسول صلى الله، وذلك قول تعالى : ” وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29)  [الأحقاف/29، 30]وجاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث طويل “وبعثت إلى الأحمر والأسود” أي إلى الإنس والجن.

هل مؤمني الجن يدخلون الجنة:

وقد اختلف أهل العلم في دخول مؤمني الجن الجنة على حسب الاختلاف في أصلهم. فمن يرى أنهم من الجان لا من ذرية إبليس قال يدخلون الجنة بإيمانهم. ومن قال إن الجن من ذرية إبليس فلهم في ذلك قولان: أحدهما: أن المؤمنين منهم يدخلونها، والثاني: لا يدخلونها وإن كانوا يصرفون عن النار فلا يعذبون بها.

أما فيما يتعلق بعذاب العصاة منهم: فإنهم يعذبون بدخولهم النار مثلهم في ذلك مثل الإنس أمثالهم قال تعالى مخاطبًا الثقلين: ”  يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35)  [الرحمن/35]”