من القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية عدم الضرر بقوله صلى الله عليه وسلم:”لا ضرر ولا ضرار” لذا فقد نهت الشريعة عن إلحاق الضرر بالنفس أو بالآخرين، وصلاة صاحب العدوى في المسجد إن كان من شأنه أن ينقل المرض للآخرين، فعليه أن يصلي في بيته حتَّى لا يشق على باقي المصلين؛ لأنه بصلاته في المسجد سينقل العدوى للآخرين، وهذا ما ترفضه الشريعة الإسلامية؛ لأنها أتت برفع الحرج ومحاربة الضرر.فالواجب لا يترك إلا لواجب.

وفي مسألة صلاة المصاب بالمرض المعدي في جماعة المسجد ينظر فيها إلى الترجيح بين المصالح، فإن كانت صلاته في جماعة المسجد ستؤذي غيره ففي هذه الحالة تعد صلاته أمرا يهدد سلامة مقصد من مقاصد الشريعة ألا وهو مقصد حفظ النفس.

فحفظ النفس (مقصد) كلي من كليات الشريعة، وكل ما يؤدي إلى حفظ هذا المقصد لا بُدَّ منه، ولا بُدَّ من منع كلِّ ما يخل بهذا المقصد، فالمنع في هذه الحالة من ولي الأمر جائز، وعدم الالتزام معصية يترتب عليها عقوبة أخروية بخلاف العقوبة التعزيرية في الدنيا والتي يحددها ولي الأمر لمن خالفه، وذلك لقاعدة تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة.

ونرى أن منعه لما يلي:

1- حضوره الجماعة يوثر على الناس ويضرهم.

2- أن في حضوره شغل لتفكير المصلين وإخراج لهم عن روحانية العبادة إن شعروا بوجوده بجوارهم في جماعة المسجد.

3- منع بعض الفقهاء صلاة الجماعة لمن أكل ثوما أو بصلا حتى لا يؤذي الآخرين فما بالنا بمن يسبب لهم أذى بدنيا بالعدوى.

4- منعوا صلاة من به برص في جماعة حتى لا يؤذي الآخرين. وفي هذا إعمال لقاعدة لا ضرر ولا ضرار.

هذا بخلاف بعض الأمراض المعدية التي لا تنتقل عن طريق الهواء أو الملامسة مثل مرض نقص المناعة (الإيدز) الذي ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، فالمريض به في هذه الحال لا يمنع من مخالطة الناس ولا من الصلاة في المسجد.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب المالكية إلى إباحة ترك صلاة الجمعة والجماعة للأبرص , إذا كان برصه شديدا , إذا لم يوجد للبرص موضع يتميزون فيه , بحيث لا يلحق ضررهم بالناس على الوجه المبين في موطنه.
وعند الحنابلة يكره حضور المسجد لصلاة الجمعة والجماعة لمن به برص يتأذى به. ورخص الشافعية في ترك الجماعة لمريض ببرص للتأذي. أهـ

أما إن لم يكن مرضه سينقل للآخرين فلا حرج في صلاته في المسجد، وذلك لانتفاء السبب الذي منع من أجله.

وخلاصة الأمر في المسألة:

1- المرض الذي تنتقل عدواه بمجرد الاختلاط فعلى صاحبه أن يعتزل جماعة المسجد.

2- المرض الذي لا تنتقل عدواه بمجرد الاختلاط فلصاحبه الصلاة في جماعة المسجد.