ناقش مجمع الفقه الإسلامي الدولي ما يثار حول العنف الأسري، وقرر أن العنف الأسري المحرم هو اعتداء أعضاء الأسرة بعضهم على بعض اعتداء يفضي إلى الأذى البدني أو المعنوي، غير أنه قرر أنه لا يدخل في العنف الأسري ما قررته الشريعة من أحكام يروج لها الليبراليون على أنها من العنف، مثل حق الزوج أو الزوجة في الاستمتاع الجنسي بالآخر حتى لو لم تتوفر الرغبة لدى الطرف المطلوب، كما أن الطلاق والتعدد والقوامة لا تدخل في العنف المحرم.

وهذا نص قرار المجمع :

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة ( دولة الإمارات العربية المتحدة ) من 1 إلى 5 جمادى الأولى 1430هـ ،الموافق 26– 30نيسان ( إبريل )2009م ،

بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع العنف في نطاق الأسرة ،وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،

وبعد استحضار ما ثبت من الدين بالضرورة من إرساء قواعد الأسرة على أُسس عظيمة من المودة والمحبة ، وتشريع الأحكام التي تحقق الاستقرار والطمأنينة ، وأن الحيدة عن هذا المنهج تنشر العنف في محيط الأسرة ،

قرر ما يأتي :

أولاً : مفهوم العنف في الأسرة :

المقصود بالعنف أفعال أو أقوال تقع من أحد أفراد الأسرة على أحد أفرادها تتصف بالشدة والقسوة تلحق الأذى المادي أو المعنوي بالأسرة أو بأحد أفرادها ، وهو سلوك محرم لمجافاته لمقاصد الشريعة في حفظ النفس والعقل ، على النقيض من المنهج الرباني القائم على المعاشرة بالمعروف والبر.

ثانياً : لا يعد عنفاً أو تمييزاً في المنظور الإسلامي:

أ-الالتزام بالأحكام الشرعية المنظمة للعلاقات الجنسية ، وحظر صور الاقتران غير الشرعي .

ب-عدم إتاحة وسائل منع الحمل لغير المتزوجين الشرعيين.

ج-منع الإجهاض إلا في الحالات الطبية الاستثنائية المقررة شرعا.

د-تجريم الشذوذ الجنسي.

ه-منع الزوج زوجته من السفر وحدها إلا بإذنه وبالضوابط الشرعية .

و-الحق الشرعي بين الزوجين في الإعفاف والإحصان حتى في حال عدم توافر الرغبة لدى أحدهما .

ز-قيام المرأة بدورها الأساسي في الأمومة ورعاية بيت الزوجية وقيام الرجل بمسؤوليات القوامة .

ح-ولاية الولي على البنت البكر في الزواج .

ط-ما قررته الشريعة من أنصبة الميراث والوصايا .

ي-الطلاق ضمن ضوابطه الشرعية المحددة .

ك-تعدد الزوجات المبني على العدل .

ثالثاً : ضوابط التأديب الشرعي :

أ-يراعى عند تأديب الزوج زوجته الناشــز أن يكون وفقاً للضوابط الشرعية الآتية :

ب-تجنب الشتم والسب والتحقير .

ج-الالتزام بالمنهج الشرعي بدءاً من الوعظ ثم الهجر ، وانتهاءً بالضرب غير المبرح فيشترط فيه ما يلي :

د-أن يكون آخر ما ينتهى إليه بعد استنفاد كل الوسائل السابقة .

ه-ألا يكون مبرحاً حتى يكون أدنى إلى التلويح بالقوة دون مباشرتها .

و-أن يتقي الوجه والمواطن الخطرة .

ز-ألا يكون فيه نوع من التشفي والانتقام فلا يقع ساعة الغضب .

ح-اللجوء إلى الضرب خلاف الأولى ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ” ولن يضرب خياركم ” ، واقتداءً بفعله صلى الله عليه وسلم في هذا المجال .

ط-اللجوء إلى الحكمين عند استفحال الخلاف .

رابعاً : يؤكد المجمع على ما يلي :

(1)  على الصعيد الأسري :

أ-التركيز على التربية الإيمانية سبيلاُ للنشأة الاجتماعية .

ب-التأكيد على الثوابت الشرعية المتعلقة بالبناء الأسري من التعاون والتضامن والبر والإحسان والمعاشرة بالمعروف .

ج-اعتماد الحوار منهجاً لحل القضايا الأسرية الداخلية .

د-تفعيل دور الحكمين من أجل فض النزاعات داخل الأسرة .

(2) على صعيد المؤسسات والدوائر الرسمية :

أ-عقد دورات وورش عمل لتوعية الأسر لمخاطر العنف ، وتأصيل المنهج الحواري .

ب-مطالبة المؤسسات التربوية تدريس ما يعالج قضايا العنف الأسري بمختلف صوره وأشكاله .

ج-التنسيق بين الوزارات والإدارات المختصة من أجل اعتماد سياسة موحدة لا تعارض فيها للحفاظ على ثوابت الأمة في مواجهة التيارات التغريبية المتعلقة بالأسرة .

د-توجيه أجهزة الإعلام لتحمل مسؤولياتها في إطار التنشئة الاجتماعية الراشدة.

(3) على صعيد الدول الإسلامية :

أ-ضرورة عرض كافة الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة والطفل ، وكذلك مشروعات القوانين على أهل الاختصاص من علماء الشريعة والقانون ، قبل إصدارها والتوقيع عليها ؛  لضبطها بميزان الشرع ، ورفض ما يتعارض منها مع أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها .  ودعوة الحكومات الإسلامية إلى مراجعة الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها للوقوف على البنود التي تتعارض مع الأحكام الشرعية، ورفض تلك البنود ، دون الإخلال بما اشتملت عليه من جوانب إيجابية متوافقة مع الشريعة الإسلامية .

ب- رفض ما يخـالف نصوص الشريعة الإسلامية في الاتفاقيات والمواثيق الدولية ، والتي تدعو إلى إلغاء الفوارق الفطرية بين دور الرجل والمرأة في المجتمع ، والالتزام بالأحكام الشرعية في الميراث والطلاق ، وقوامة الرجل في الأسرة ، وواجبه في الإنفـاق على بيته وتربية أولاده، وغير ذلك مما هو ثابت في الشريعة الإسلامية.

ج-رفض كافة البنود التي اشتملت عليها الاتفاقيات التي تبيح ما فيه مخالفة لقوانين الشرع والفطرة : كإباحة الزواج المثلى ، والعلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج الشرعي ، والاختلاط بالصورة الممنوعة شرعاً ، وغير ذلك من بنود تتصادم مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ه-الطلب من الجهات التشريعية بسن قوانين تجرم صور العنف المحرمة .

و-حصر سلطة التنفيذ في الجهات القضائية المختصة .

ز-التأكيد على التزام خصوصية الثقافة الإسلامية ، والأحكام الشرعية ، واحترام التحفظات التي تبديها الحكومات الإسلامية وممثلوها حيال بعض البنود المتعارضة مع الشريعة الإسلامية في المواثيق والاتفاقيات المتعلقة بالأسرة .

ح-تشكيل لجنة لإعداد مدونة تضبط فيها حقوق أفراد الأسرة وواجباتهم ، ينبثق عنه وضع مشروع لقانون الأسرة متوافق مع الشريعة الإسلامية.