ناقش مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ضوابط حرية التعبير عن الرأي وأحكامها، وبعد مناقشة الأبحاث المقدمة في هذا الصدد، قرر المجمع أن حرية التعبير عن الرأي مبدأ مكفول إسلاميا، بيد أن الحرية فيه ليست مطلقة كما هو الحال في الليبرالية ، ولكنه مقيد بقيود وضوابط، ترجع معظمها إلى الصدق والموضوعية والتوثيق، وعدم المساس بثوابت الدين الإسلامي وقيم المجتمع. ويصادر هذا الحق تماما إذا تعدى إلى التشهير بالناس أو الازدراء بشعائر الإسلام.

وهذا نص قرار المجمع في ذلك :

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة ( دولة الإمارات العربية المتحدة ) من 1 إلى 5 جمادى الأولى 1430هـ ،الموافق 26– 30نيسان ( إبريل )2009م ،

بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع حرية التعبير عن الرأي : ضوابطها ، وأحكامها ،وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،

قرر ما يأتي :

أولاً : المقصود بحرية التعبير عن الرأي: تمتع الإنسان بكامل إرادته في الجهر بما يراه صواباً ومحققاً النفع له وللمجتمع ، سواء تعلق بالشؤون الخاصة أو القضايا العامة .

ثانياً : حرية التعبير عن الرأي حق مصون في الإسلام في إطار الضوابط الشرعية .

ثالثاً :من أهم الضوابط الشرعية لممارسة حرية التعبير عن الرأي :

1- عدم الإساءة للغير بما يمس حياته أو عرضه أو سمعته أو مكانته الأدبية مثل الانتقاص والازدراء والسخرية ، ونشر ذلك بأي وسيلة كانت .

2-الموضوعية ولزوم الصدق والنزاهة والتجرد عن الهوى .

3- الالتزام بالمسؤولية والمحافظة على مصالح المجتمع وقيمه .

4-أن تكون وسيلة التعبير عن الرأي مشروعة ، فلا يجوز التعبير عن الرأي ولو كان صواباُ بوسيلة فيها مفسدة ، أو تنطوي على خدش الحياء أو المساس بالقيم ، فالغاية المشروعة لا تبرر الوسيلة غير المشروعة .

5-أن تكون الغاية من التعبير عن الرأي مرضاة الله تعالى وخدمة مصلحةمن مصالح المسلمين الخاصة أو العامة .

6- أن تؤخذ بالاعتبار المآلات والآثار التي قد تنجم عن التعبير عن الرأي ، وذلك مراعاة لقاعدة التوازن بين المصالح والمفاسد ، وما يغلب منها على الآخر .

7- أن يكون الرأي المعبّر عنه مستنداً إلى مصادر موثوقة، وأن يتجنب ترويج الإشاعات التزاماً بقوله تعالى : [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ] ( الحجرات : 6 ) .

8- ألا تتضمن حرية التعبير عن الرأي أي تهجم على الدين أو شعائره أو شرائعه أو مقدساته .

9- أن لا تؤدي حرية التعبير عن الرأي إلى الإخلال بالنظام العام للأمة وإحداث الفرقة بين المسلمين .

ويوصي بما يلي :

أ-تأمين الضمانات الكافية لحماية حرية التعبير عن الرأي المنضبطة بالشريعة والمراعية للمسؤولية بِسَنّ القوانين الحامية لذلك ، والتشريعات ، وبالقضاء العادل.

ب-اتخاذ الوسائل المتاحة لمنع استخدام حرية التعبير عن الرأي أداة للإساءة إلى الثوابت والمقدسات الإسلامية ، أو بث الفتنة بين المسلمين .

ج-العمل على تطبيق ما اشتملت عليه المواثيق الدولية من قيود لمنع الإساءة إلى الأديان ، مع استبعاد الازدواجية في تعامل المجتمع الدولي مع القضايا الإسلامية والقضايا الأخرى .

د-عمل الدول الإسلامية إلى إصدار  تشريع دولي يحمي المشاعر والمقدسات الدينية بوجه عام من التطاول عليها ، والسخرية بها ، والتشويه لها ، تحت شعار الفن أو حرية التعبير عن الرأي أو غيرها .