اختلف العلماء في مشروعية التيمم لصلاة الجنازة وذلك لإدراكها، إذا كان طلب الماء، أو الاشتغال بالوضوء يحتاج إلى وقت تفوت معه صلاة الجنازة، وأوسع المذاهب الأربعة في ذلك مذهب الحنفية، فهم يجيزون التيمم لإدراك الجنازة وصلاة العيد، ، وقد حكى ابن المنذر عن عطاء وسالم والزهري وعكرمة والنخعي وسعد بن إبراهيم ويحيى الأنصاري وربيعة والليث والثوري والأوزاعي وإسحاق أنهم يقولون بذلك، وهو ما رجحه ابن تيمية.

جاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية:

وأصح أقوال العلماء أنه يتيمم لكل ما يخاف فوته كالجنازة وصلاة العيد وغيرهما مما يخاف فوته فإن الصلاة بالتيمم خير من تفويت الصلاة كما أن صلاة التطوع بالتيمم خير من تفويته ولهذا يتيمم للتطوع من كان له ورد في الليل يصليه وقد أصابته جنابة والماء بارد يضره فإذا تيمم وصلى التطوع وقرأ القرآن بالتيمم كان خيرا من تفويت ذلك.انتهى.

ومذاهب العلماء في ذلك كما عرضها الدكتور وهبة الزحيلي – رحمه الله تعالى – في كتابه ( الفقه الإسلامي وأدلته):

لم يجز الشافعية  التيمم خوفاً من خروج الوقت؛لأنه يكون متيمماً مع وجود الماء، واستثنوا حالة المسافر فإنه لا يلزم بطلب الماء ويتيمم إذا خاف خروج الوقت وخاف على نفسه أو ماله أو انقطاعه عن الرفقة.

وكذلك الحنابلة لم يجيزوا التيمم لخوف فوت الوقت سواء لجنازة أو عيد أو فريضة، إلا لمسافر علم وجود الماء في مكان قريب، لكن إذا قصده خاف خروج الوقت، فيتيمم حينئذ، ويصلي ولا إعادة عليه، لأنه غير قادر على استعماله في الوقت، فأشبه عادم الماء .

ولم يجز الحنفية التيمم خوف خروج الوقت إلا فيما يأتي :

أولاً ـ يتيمم لفقد الماء خوف فوت صلاة جنازة ولو جنباً، أو فوت صلاة عيد بسبب الخوف من فراغ إمام أو زوال شمس لو اشتغل بالوضوء، سواء أكان إماماً أم غيره في الأصح، لفواتهما بلا بدل، ولما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا فاجأتك صلاة جنازة، فخشيت فوتها، فصل عليها بالتيمم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أتي بجنازة، وهو على غير وضوء، فتيمم، ثم صلى عليها. وإذا تيمم لصلاة جنازة أو لسجدة تلاوة يجوز له عند فقد الماء أداء سائر الصلوات .

ثانياً ـ له التيمم أيضاً لفقد الماء خوف فوت صلاة كسوف وسنن المفروضات، ولو سنة فجر، إذا أخرها بحيث لو توضأ، فات وقتها.

ولا يصح التيمم لصلاة الجمعة وسائر الصلوات المكتوبة والوتر إذا خاف فوت الوقت؛ لأن للجمعة بدلاً وهو الظهر، ولأن بقية الصلوات تقضى.

وقال المالكية على المعتمد :يجوز التيمم لعادم الماء خوف خروج الوقت محافظة على أداء الصلاة في وقتها، فإن ظن أنه يدرك منها ركعة في وقتها إن توضأ أو اغتسل، فلا يتيمم.

والأظهر خلاف المشهور: أنه يجوز التيمم لعادم الماء وقت الأداء لحاضر (مقيم) صحيح لأداء جمعة، و التيمم لصلاة الجنازة، متعينة أم لا، خاف فواتها، ويصلي ولا يعيد.