السيما هي العلامة وقد جاء في المراد منها أقوال عدة، بعضها يجعلها في الدنيا وبعضها يجعلها في الآخرة، ومن الأولى قول ابن عباس: هي السَّمْت الحسن، وقال بعض السلف: “من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار” روى هذا على أنه حديث مرفوع إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، والصحيح أنه موقوف على جابر. وقد رواه ابن ماجة، وقال ابن العربي: إنه غير مرفوع. وقال بعضهم عن السيما: إن للحسنة نورًا في القلب وضياء في الوجه وسَعة في الرزق ومحبة في قلوب الناس. ومنه قول عثمان: ما أسرَّ أحد سريرة إلا أبداها الله على صَفَحات وجهه وفلَتات لسانه. وقال عمر: من أصْلَح سريرته أصْلَح الله علانيَته، ونُقِل عن مالك أن السيما هي ما يَعْلَق بجِباهِهِم من الأرض عند السجود.
وأما ما يقال: إنها هي الأثر الظاهر في الوجه على الجَبِين فقد سئل عنه مجاهد، وهو من كبار التابعين المفسرين، فقال منكراً لذلك: ربما يكون بين عيني الرجل مثل ركبة العنز، وهي أقسى قلبًا من الحجارة، ولكنه نور في وجوههم من الخشوع.
ومن الثاني: أي كون السِّيما في الآخرة، ما قاله الحسن: إنها بياض يكون في الوجه يوم القيامة. ففي الصحيح “أن الله يأمُر الملائكة أن يُخرجوا من النار من كان لا يُشرِك بالله شيئًا، فمن أراد الله أن يَرحمه ممن يقول: لا إله إلا الله، فيَعرِفونهم في النار بأثر السجود، تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود، حرَّم الله على النار أن تأكل أثر السجود”.
ذكر هذه الأقوال ابن كثير والقرطبي في التفسير.