من نوى أي عمل تقرباً لله سبحانه وتعالى نية صادقة، وعزم عليه عزماً جازماً، ثم توفاه الله تعالى قبل أن يفعل تلك القربة، فإن له بذلك أجراً عند الله تعالى، فضلاً منه وجوداً وكرماً، ويدل على ذلك أدلة كثيرة منها قول الله تعالى: (ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله) [النساء : 100].

وفي السنن والمستدرك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من فصل في سبيل الله ـ عزم عزماً لا تردد فيه ـ فمات أو قتل، فهو شهيد، أو وقصه فرسه أو بعيره، أو لدغته هامَّة، أو مات على فراشه، أو بأي حتف شاء الله تعالى، فإنه شهيد وإن له الجنة”.

وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يقول الله: (إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف).

وللعمرة والحج ما يخصهما في هذا الباب، فمن أحرم بأحدهما فمات، فإنه يغسل بماء وسدر، ولا يحنط بالطيب، ويكفن في ثيابه التي أحرم فيها، ولا يغطى رأسه إن كان رجلاً كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة إذ وقع من راحلته فأقصعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اغسلوه بماءٍ وسدر وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً”.

وليس على من مات ـ والحالة هذه ـ فدية جراء عدم إتمام النسك، لأن ذلك خارج عن قصده وإرادته، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجب ذلك على من وقصته راحلته في عرفة كما سبق، وهو اختيار الشيخ العلامة ابن العثيمين – رحمه الله – .