الإسلام أمَرنا بالعلم والبحث والنظر، ووَجَّهنا إلى عدم الظن في كل الأحوال، وإلى أن تكون معلوماتنا مبنيَّة على الحقائق ما أَمْكننا ذلك، والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة. والناس من قديم الزمان لهم طرق في الاستنتاج قد تَصِحُّ نتائجها وقد تَبْطُل، ولكنهم مع ذلك مُغرَمون بحُبِّ الاستطلاع، والوصول إلى معلومات تُهِمُّهم عن طريق شواهدَ ومقدمات، وسمعنا في ذلك عما يُسمَّى بالكهانة والعِرافة والتنجيم وضرْب الحصَا…وشاع في أيامنا ما يُعرف بقراءة الفنجان وقراءة الكف.

وقد عَكَف جماعة على دراسة خطوط الكف عندما رأوْا صدْق دلالتها في بعض الأحوال، فنرى مثلاً الدكتورة إكرام عبد السلام أحمد أستاذ طب الأطفال بقصر العيني تقول: هناك نوعان من خطوط اليد، خطوط ثَنايا الكف، وهي واضحة عند النظر إليها وأساسها ثلاثة خطوط، اثنان عرْضيان تحت الأصابع الأربع، والثالثة بحد منطقة الإبهام وهو مُنْحَنٍ، وهي متشابهة في جميع الناس، وإذا تَغيرت يكون هناك شذوذ، أما خطوط الأصابع فيه عكس ذلك لا تكاد تتشابه أو لا تتشابه مطلقًا من شخص لآخر، وعليها الاعتماد في البصَمات، وهي تُرى إما بالعدسة المكبِّرة وإما بالطبع بالحِبر.

واكتشفتْ أنَّ تَغيُّر الخطوط الثلاثة في الكف يَدل على تأخُّر عقلي أو اختلاف في الكروموسومات التي تَنشأ عنها تشوُّهات خِلْقية. وسبب ارتباط ذلك باليد أنَّ اليد يَبدأ تكوينها في الأشهر الثلاثة الأولى مع تكوين أعضاء الجسم، فأيُّ اختلال في التكوين يَظهر فيها.
وقد بَحثتْ ارتباط الخطوط ببعض الأمراض كالتأخر العقلي وروماتيزم القلب وأمراض الجهاز العصبي، كما يمكن دراسة بعض الأمراض، أو التَّكهُّن بها من خلال بصمات الأصابع.

وواضِح من هذا الكلام أن هذه الخطوط لها ارتباط بالتكوين العضوي لجسم الإنسان، وما يَنشأ عنه من تأثير في القوى العقلية، لكنَّ التنبؤ بالمستقبل من النظر في هذه الخطوط وهو الذي ما يزال رَجمًا بالغيب، لم تَقم له قواعد ثابتة يقينية.

هذا، وقارئ الكف العالمي (دافيد براندون جونز) حاول أنْ يَربط بين خطوط الكف وبين المستقبل بوجه عام، وله في ذلك بحوث واطلاعات واستنتاجات كثيرة (القبس 4/6/1979) ولكنْ كلُّ ذلك لا يَتعدَّى مرحلة الظن.

ولا يَنبغي الاعتماد على أقوال هؤلاء في رسْم الخطوط لحياتنا المستقبَلة، فإن المقدمات غير اليقينية لا تَلزم عنها نتائج يقينية. وقد علَّمَنا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعاء الاستخارة في كل ما يُهمنا من الأمور، والأوْلى الالتجاء إلى الله بها، فهو وحدَه مالك الأمر كله، وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو.
ويُثار هنا سؤال: هل أَطْلع اللهُ رسولَه على ما يكون في غَدٍ؟ والجواب ما جاء في قوله تعالى: (ولَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) (الأعراف: 188) وصَحَّ في مسلم أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: مَن زَعم أنَّ رسول الله يُخبر بما يكون في غد، فقد أَعْظمَ الفِرْيَة على الله. وتلت قوله تعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السمواتِ والأرْضِ الغَيْبَ إلا اللهُ) (النمل : 65).