إن أوتر المصلي بسبع أو خمس سردهن فلا يجلس ندبا إلا في آخرهن، لما روى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها.
أما إن أوتر بتسع فإنه يسرد ثمانياً، ثم بعد ذلك يجلس ويتشهد ولا يسلم، ثم يصلى التاسعة ويتشهد ويسلم. أمَّا إن صلى أحد عشر ركعة فإنه يصلي ركعتين ركعتين ثم يختم بركعة الوتر.

جاء في كتاب المغني لابن قدامة المقدسي ـ رحمه الله ـ بتصرف:

يجوز أن يوتر بإحدى عشرة ركعة، وبتسع، وبخمس، وبثلاث، وبواحدة … فإن أوتر بإحدى عشرة سلم من كل ركعتين، وأن أوتر بثلاث سلم من الثنتين وأتر بواحدة، وإن أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرهن، وإن أوتر بسبع جلس عقيب السادسة، فتشهد ولم يسلم، ثم يجلس بعد السابعة فيتشهد، ويسلم.

وأن أوتر بتسع لم يجلس إلى عقيب الثامنة فيتشهد، ثم يقوم فيأتي بالتاسعة ويسلم. ونحو هذا. قال إسحاق: وقال القاضي في السبع لا يجلس إلا في آخرهن أيضا كالخمس، فأما الإحدى عشرة والثلاث فقد ذكرناهما، وأما الخمس فقد روي عن زيد بن ثابت أنه كان يوتر بخمس لا ينصرف إلا في آخرها، وروى عروة عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس في شيء منها إلا في آخرها. متفق عليه.

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهن. وفي لفظ:[ فتوضأ ثم صلي سبعا أو خمسا أوتر بهن لم يسلم إلا في آخرهن] رواه أبو داود.

وقال صالح مولى التوأمة: أدركت الناس قبل الحرة يقومون بإحدى وأربعين ركعة، ويوترون بخمس يسلمون بين كل إثنتين، ويوترون بواحدة، ويصلون الخمس جميعا رواه الأثرم.

وأما التسع والسبع فروى زرارة بن أوفى عن سعيد بن هشام قال: قلت لعائشة يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كنا نعد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه، فيتسوك ويتوضأ، ويصلي سبع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويدعوه، ثم يسلم تسليما يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم، وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذه اللحم أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنعه في الأول، قال: فانطلقت إلى ابن عباس، فحدثته بحديثها، فقال: صدقت رواه مسلم و أبو داود.

وفي حديث أبي داود فقال ابن عباس هذا هو الحديث وفيه أوتر بسبع لم يجلس إلى في السادسة والسابعة ولم يسلم إلا في السابعة وفيه من طريق أخرى ويسلم بتسليمة شديدة يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه، وهذا صريح في أن السبع يجلس فيها عقيب السادسة، ولعل القاضي يحتج بحديث ابن عباس صلى سبعا أو خمسا أوتر بهن لم يسلم إلا في آخرهن، وعن أم سلمة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع أو خمس لا يفصل بينهن بتسليم ولا كلام رواه ابن ماجة. وكلا الحديثين فيه شك في السبع، وليس في واحد منهما أنَّه لا يجلس عقيب السادسة، وحديث عائشة فيه تصريح بذلك وهو ثابت فيتعين تقديمه.