الكلام في هذا الموضوع كثيرٌ، ومكانه كتب التفسير، ومِنْ أحسنِ ما قيل ما رواه البخاري عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال ” قال سليمان : لأَطُوفَنَّ الليلة على تسعين امرأة كُلُّهن تأتي بفارس يُجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقلْ: إن شاء الله، فطاف عليهن جميعاً فلم تحمِل منهنَّ إلا امرأة واحدة جاءت بِشِقِّ رجل، وأَيْمُ الذي نفسي بيده لو قال: إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون”.

والمعنى أن الله ـ سبحانه ـ امتحن سليمان ـ عليه السلام ـ وابتلاه؛ لأنه لم يقلْ إن شاء الله، وكانت نيته طيِّبة في طلب أولاد مجاهدين، وظنَّ أن الله مُعطيه كلَّ شيء بدون حدود، فأراد سبحانه أن يُظْهِر له أن كل شيء بقَدَر، وأن الأمل له حدود، فلم تُنْجب واحدة من نسائه بهذا اللقاء إلا واحدة أتت بجسد هو نصف إنسان، فرجع سليمان إلى ربِّه وتاب، هذا بعض ما قيل والتأويلات كثيرة، ولا حاجة إلى التعليق على عمل سليمان في قدرته كإنسان عادي أن يُلَقِّح تسعين امرأة في ليلة واحدة، يَجْتمع مع كل واحدة حوالي خمس دقائق، وهل كان الجهاز مستعدًّا بِكَمِّيَّة كافية لتلقيح كل واحدة في هذه الدقائق القليلة؟ إن سليمان ـ عليه السلام ـ من واقع ما أعطاه الله من مسخَّرات القُوى اعتقد أن التسخير بدون حدود، وفي غمْرة هذا الاعتقاد وهذا التكريم الواسع أراد الله ـ سبحانه ـ أن يُنَبِّهه إلى سيطرة إرادة الله على كل شيء فليس سليمان أقوى ولا أكرم من الملائكة الذين لا يَسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.