القدر المتفق عليه بين العلماء أن المرأة في الصلاة لا بد أن تغطي كل جسدها ما عدا الوجه والكفين، وتغطي رجليها إلى الكعبين، فإذا ظهر من هذا شيء بطلت صلاتها، ثم اختلف العلماء في حكم تغطية ظهور القدمين فأوجب تغطيتهما بعض العلماء بأي ساتر جوربا كان أو غيره.

وأجاز كشفهما البعض الآخر، وعليه فإذا غطت المرأة ظهور قدميها بأي شيء كان أولى من عدم التغطية خروجا من الخلاف، لكن لو صلت دون تغطية ظهور القدمين فلا شيء عليها كما قال الأحناف خلافا للجمهور.

يقول الشيخ عطية – صقر من كبار علماء الأزهر الشريف -:

ستر العورة مطلوب لصحة الصلاة باتِّفاق العلماء، حتى لو كان الإنسان يُصلِّي وحده لا يراه أحد، فهو حق لله سبحانه، وعوْرة الرجل هي ما بين السُّرَّة والرُّكْبة تبطل الصلاة بانكشاف أي جزء منها عند الأئمة الثلاثة، أما عند مالك فتبطُل الصلاة إذا انكشفت السوأتان، وهما القُبُل والخِصيتان وحَلقة الدُّبُر، ولا تبْطُل إذا انكشف سواهما مما هو بين السُّرَّة والرُّكبة، ولا تُسَنُّ إعادة الصلاة إلا إذا انكشفت العانة أو الإليتان أو ما بينهما حول حلقة الدبر، فيعيد في الوقت، وإن كان كشف العورة حرامًا أو مكروهًا.

وقد جاء في عورة المرأة قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ “لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار” رواه أحمد وأصحاب السنن. والمراد بالحائض المرأة البالغة حدَّ التكليف. وروي أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أَتُصلِّي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ فقال: “إذا كان الدرع سابغًا يُغطي ظهور قدميها”.

الخمار هو غطاء الرأس، والإزار ما يستر الجزء الأسفل من الجسم، والدرع ما يستر أعلاه، وهو للمرأة ما يغطي بدنها ورجليها.

وهذه آراء الفقهاء في تحديد عورة المرأة في الصلاة، ولا مانع من الأخذ بأحد هذه الآراء:

-عورة المرأة الحُرَّة في الصلاة عند الحنفية جميع بدنها، ويُستثنى من ذلك باطن الكفين فإنه ليس بعورة، بخلاف ظاهرهما، كما يُستثنى ظاهر القدمين فإنه ليس بعورة، بخلاف باطنهما فإنه عورة عكس الكفين.

-وعورتها عند الشافعية جميع بدنها، ويُستثنى من ذلك الوجه والكفان فقط، ظاهرهما وباطنهما.

-وعورتها عند الحنابلة جميع بدنها، ويستثنى فقط الوجه وما عداه منها، فهو عورة، وعورتها عند المالكية قسمان، مُغلَّظة ومخفَّفة، ولكل منهما حكمه، فالمغلظة جميع بدنها ما عدا الأطراف والصدر وما حاذاه من الظهر، والمخفَّفة لها هي الصدر وما حاذاه من الظهر والذراعين والعنق والصدر، ومن الركبة إلى آخر القدم، (هذا التحديد يقارب التحديد بأن المغلظة هي ما بين السرَّة والركْبة، والمخفَّفة ما عدا ذلك، كعورة الرجل) أما الوجه والكفان ظهرًا وبطنًا فهما ليسا من العورة مطلقًا.

فإن انكشف شيء من العورة المغلَّظة بَطُلَت الصلاة إن كان قادرًا ذاكرًا وإعادتها وجوبًا، أمَّا إن انكشف شيء من العورة المخففة فلا تبطل الصلاة وإن كان كشفها حرامًا أو مكروهًا في الصلاة ويَحْرُم النظر إليها، ولكن يُستحب لها أن تُعيد الصلاة بعد ستر العورة، إذا كان الوقت باقيًا.

والساتر للعورة لا بُدَّ أن يكون كثيفًا لا يصف لون البشرة التي تحته، ولا يضر إن كان مُحدِّدًا لها لاصقًا بها عند الجمهور، وتبطل باللاصق عند المالكية وتُعاد الصلاة في الوقت.

هذا، وستر العورة لا بُدَّ من دوامه إلى آخر الصلاة، فلو انكشف شيء منها قبل إتمام الصلاة، وكان بقصد بطلت الصلاة، أما إن كان بغير قصد فلا تبطل، إن كان يسيرًا، وسترها في الحال بدون عمل كثير عند بعض الأئمة – “الفقه على المذاهب الأربعة ـ نشر وزارة الأوقاف المصرية”.