مما لا شك فيه أن كل شيء في هذا الكون مكتوب عند الله سبحانه وتعالى، حيث يقول تعالى موضحا هذه الحقيقة لعباده في كتابه الكريم : (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير). [سورة الحديد: 22].
وهذا العلم من الله يستوعب كل الأشياء، والإحصاء الدقيق، والتسجيل الشامل للأشياء والأحداث قبل وقوعها، وهذا القدر فيه كل شيء يمر به الإنسان في حياته رزقه.. زواجه.. تعليمه.. أين يسافر؟ ومتى؟ ومن يقابل؟ إلخ

من الأشياء التي يمر بها الإنسان في هذه الدنيا، والذي قدره الله على عباده لا محالة كائن وواقع، والدعاء والإخلاص فيه من الأشياء التي يغير الله بها القدر يقول تعالى : (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)

فقدر الله أمران :
-أمر يجوز أن يغير وأن يبدل، وهذا الذي ينفع فيه الدعاء.

-وقدر لا يغير و لا يبدل.

فإن كان ما قدره الله مما يغير فإن الدعاء ينفع فيه.

وفي جميع الأحوال على الإنسان أن يأخذ بالدعاء ويجتهد فيه لأن القدر أمر مغيب مستور عنا، فهو لا يعلم الذي هو فيه من القدر الذي يغير أو لا، فعلى هذا ليس له إلا الدعاء.

من هذا على المسلم أن يعلم أن زواج الرجل بالمرأة مقدر ومكتوب من الأزل لأن كل شيء عند الله مقيد ومكتوب.
كما نرشد أولياء الأمور أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان توجيهه لأهل المرأة أنه “إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. (رواه الترمذي وابن ماجه).
وفي هذا دليل على استحباب تزويج صاحب الدين والخلق، وإن كان قليل المال أو الجمال أو الحسب.
وحذَّر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- من الفساد العريض الذي يترتب على التعنت في تزويج أهل الصلاح والاستقامة، ويدخل في هذا الفساد العريض كل من منع الفتاة والفتى من الزواج إن كانا من أهل الصلاح سواء أكان ولياً أو غيره.

فعلى المرأة وأوليائها أن يوطنوا أنفسهم على قبول صاحب الدين والخلق مهما كان ماله أو جماله أو حسبه.

ومن أكبر العوائق التي تعرقل الزواج في العصر الحديث غلاء المهور، حيث ارتفعت المهور بصورة جعلت الشباب يعرض عن الزواج، وأيضا كثرة الأعباء المالية التي تلقى على عاتق الرجل، حيث يطلب منه أهل الفتاة أشياء كثيرة أغلبها من الكماليات وهو ما يتسبب في إرهاق الرجل ومن ثم هروبه.

أما إذا لم يجد الأشياء التي تجعله يهرب، ووجد من أهل البيت إحساناً وتقديرا ومعونة فإنه يستمر بإذن الله. وكما قال الشاعر : ومن وجد الإحسان قيدا تقيدا.
فيجب إظهار الإحسان للمتقدم مع عدم إرهاقه بالأمور المادية الكبيرة وستسير الأمور بإذن الله.

ونقول لكل مسلم ومسلمة ما أفضل اللجوء إلى الله وما أحوج المهمومين والمكروبين أن يتضرعوا إلى الله عز وجل، وعليهم بالأدعية التي ترفع الغم عن المسلم، ومنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله :
( اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك …)، والمرأة تقول : (اللهم إني أمتك بنت عبدك بنت أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلفك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي).