رأي جمهور الفقهاء أنَّ الإنسان لو اكتشف أنه لم يغتسل من الجَنَابَة أو لم يتوضأ من الحدث وصلَّى فصلاته باطلة، وعليه أن يعيدها؛ لأن من شروط صحة الصلاة الطهارة من الحدث والنَّجس، وأبو حنيفة يقول بصحة الصلاة مع نِسيان الطهارة بناء على حديث “رُفِع عن أمتي الخطأُ والنسيانُ وما استُكْرِهُوا عليه.
وإذا كان المُحدث إمامًا ناسيًا أنه مُحدث ولم يعلم المأمومون حتى انتهت الصلاة، فصلاة المأمومين صحيحة، وصلاة الإمام باطلة ، رُوي ذلك عن عُمر وعثمان وعلي وابن عمر من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ ومن الأئمة رُوي عن مالك والشافعي، أما أبو حنيفة فيقول بإعادة الصلاة للإمام والمأمومين “المُغني لابن قدامة ج 1 ص 745” ودليل جمهور الأئمة ـ كما يقول ابن قدامة ـ إجماع الصحابة وروي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه صلَّى بالناس الصبح ثم خرج إلى الجرف فأهراق الماء فوجد في ثوبه احتلامًا فأعاد ولم يُعد الناس. وحدث مثلُ ذلك لعثمان ـ رضي الله عنه ـ ورُوي عن علي أنه قال: إذا صلَّى الجُنُب بالقوم فأتم الصلاة بهم آمره أن يغتسل ويعيد. ولا آمرهم أن يعيدوا، وابن عمر صلَّى بهم الصبح بغير وضوء فأعاد ولم يعيدوا. ورواه كلُّه الأثرم وهذا في مَحَلِّ الشُّهْرة ولم ينقل خلافه فكان إجماعًا، ولم يثبت ما نقل عن علي في خلافه ـ وعن البراء بن عَازِب أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : “إذا صلَّى الجُنُب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم” أخرجه أبو سليمان الحراني في جزء.
ثم قال ابن قدامة: والحُكم في النجاسة كالحُكم في الحدث سواء؛ لأنها إحدى الطهارتين فأشبهت الأخرى، ولأنها في معناها في خفائها على الإمام والمأموم، بل حُكْم النَّجاسة أخف وخفاؤها أكثر، إلا أن في النَّجاسة رواية أخرى أن صلاة الإمام تصح أيضًا إذا نسيها.
هذا هو الحُكْم فيما لو عَلِمَ بالحدث بعد الصلاة أمَّا لو عَلِمَ الإمام بحدث نفسه في الصلاة، أو علم المأمومون لزمهم استئناف الصلاة، وفيه روايةٌ أخرى عن أحمد أنهم يبنون على صلاتهم ويستأنف هو، وقال الشافعي: يبنون على صلاتهم سواءٌ علم بذلك أو علم المأمومون. كما لو قام لخامسة فسبَّحوا به فلم يرجع.