صلاة الغائب هي صلاة الجنازة على ميّت غائب عن المصلّي، وقد اختلف الفقهاء في مشروعيتها.
فقال الشافعي وأحمد وابن حزم : إنّها مشروعة، ولهم في ذلك أدلة :
(أ) ما رواه البخاري ومسلم أن النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلم ـ صلَّى على النجاشي حين نُعِيَ إليه، وصلى معه أصحابه.
(ب) أنّ صلاة الجنازة قِوامها الدّعاء، والدّعاء لا يُشترط فيه حضور المدعو له.
(جـ) ما قاله ابن حزم مِن أنّه لم يرِد عن الصّحابة منع منها.
وقال أبو حنيفة ومالك وآخرون بعدم مشروعيّتها، والحُجّة عندَهم أنه لا يدلُّ عليها دليل، لكن كيف يعملون برواية الصحيحين في حادث النجاشي؟ أوّلوها بأنّه يجوز أن النجاشي لم يُصَلّ عليه أحد فصلّى عليه النبي، أو بأن هذه الصّلاة على الغائب من خصوصيات النبي --. أو بأنّه لم يُصَلِّ على غائِب، بل رُفِعَتْ له الجنازة فشاهَدها وصلّى عليها صلاة الحاضر.
لكنّ الأوّلين ردُّوا على ذلك بأن الدليل ثابت، وبعدم التسليم بهذه التأويلات، فإن عدم صلاة أحد عليه لا يمنَع صلاتها لمن صلى عليه، وادعاء خصوصية النبيّ بالصّلاة على الغائِب لا دليل عليه، وكونها رفعت له وشاهدها لا دليل عليه أيضا.
ويتبيّن من هذا رُجحان القول بمشروعيّتها، وما دام لم يَثبت نهي عنها، فتبقى على جوازها لأن المقصود منها الدعاء.