قال النبي ـ ـ ” مَن غَسَّل يوم الجمعة واغْتَسَل، وبَكَّر وابْتَكَر، ومشى ولم يركب، ودَنا مِن الإمام فاسْتمع ولم يَلْغُ كان له بكل خُطوة عملُ سنة أجرُ صيامِها وقيامِها” رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أوْس بن أوْس الثَّقفي وقال: حديث حسن. ورواه النسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حِبَّان في صحيحَيْهِمَا والحاكم وصحَّحه. ورواه الطَّبراني في مُعْجمه الأوسط من حديث ابن عباس.
قال الخطَّابي: قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ” غَسَّل واغْتسل وبكَّر وابْتَكَر” اختلف الناس في معناه فمنهم من ذهب إلى أنه من الكلام المُتظاهر الذي يُراد به التوكيد، ولم تقع المخالفة بين المعنَيَيْن لاختلاف اللَّفْظين، وقال: ألا تراه يقول في هذا الحديث: “ومشى ولم يركب” ومعناهما واحد… وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد بن حنبل.
وقال بعضهم: قوله “غَسَّل” معناه غَسل الرأس خاصة؛ وذلك لأن العرب لهم لِمَمٌ وشُعور ـ واللِّمَمُ جمع لِمَّة، وهي الشعر الذي يُجاوز شحمة الأذن ـ وفي غَسلها مؤنة، فأراد غَسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول.
وقوله “واغتسل” معناه غَسَل سائر الجسد. وزعم بعضهم أن قوله “غَسَّل” معناه أصاب أهله ـ بالجماع ـ قبل خروجه إلى الجمعة، ليكون أملك لنفسه وأحفظ في طريقة لبصره. وقوله ” وبكَّر وابتكر” زعم بعضهم أن معنى، “بكَّر” أدرك باكورة الخُطبة وهي أوَّلها، ومعنى “ابتكر” قَدِم في الوقت، وقال ابن الأنباري: معنى “بكَّر” تصدَّق قبل خروجه، وتأوَّل في ذلك ما رُوى في الحديث من قوله ـ ـ “باكِرُوا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطَّاها” ذكر ذلك الحافظ المنذري في كتابه “الترغيب والترهيب” في كتاب الجمعة.