يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “من بَنَي مسجدًا يَبتغي به وجه الله بنى الله له بيتًا في الجنة” رواه البخاري ومسلم. وإذا كان تمويل بناء المسجد من خزينة الدولة أو خزينة هيئة عامة فإن المُنفِّذ يكون شخصًا مسئولاً عن عمله مسئولية مُباشرة أمام الله تعالى، ومن المُنفِّذين المهندسون والمقاولون والصناع والعمال الذين أسهموا في إقامة المسجد، فلا مانع أن يتفضَّل الله عليهم برحمته، ويُعطيهم أجرًا على المعاونة في بناء بيوت الله، إلى جانب الأجر الدنيوي على جهودهم، فهو قليل بالنسبة إلى ثوابه سبحانه.
والنية لها دخل كبير في استحقاق الثواب، فإذا قصد المساهم في بنائها وجه الله وأتقن عمله بناء على ذلك صدَق عليه حديث: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكلِّ امرئ ما نوى” رواه البخاري ومسلم.
وهنا نقطة ينبغي أن تُؤخذ في الاعتبار، وهي أن المسئول في الوزارة أو المصلحة قد يكون ممن يتحمَّسون لبناء المسجد فيُدْرِجه في الميزانية ويُسهِّل الإجراءات للتنفيذ، وقد يكون من غير هؤلاء فيتجاهل أو يتعمَّد عدم بناء مسجد فيُكرَه عليه، ويضطر إلى عمل الإجراءات وقد يعرقل أو يتهاون، فهناك فرق بينهما، فالأول يعتبر بانيًا للمسجد بطريق مباشر أو غير مباشر، والثاني لا يستحق أي أجرٍ على ذلك، بل يُجازيه الله بحسب نيته.
وعلى العموم نحن لا نستطيع أن نُحدد معاملة الله للممولين والمشاركين والمنفِّذين لبناء المساجد، فله سبحانه تقديره لعمله بالنيات، وفضله واسع يُغرِي بالإقبال على عمل الصالحات والإسهام في كل خير ولو بأدنى نصيب وبأي جهد يبذل.
وأما الشخص الاعتباري وهي الدولة فهو بأجهزته والعاملين بها وكلاء عن المُموِّلين لبناء المساجد.
ذلك ما نراه باجتهادنا، فإن كان صوابًا فمن الله.