جعل الله تعالى قوامة البيت للرجال ، وقرر هذا في كتابه ، فقال تعالى :”الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم “.
ثم ذكر بعدها صفات لنساء المسلمين :”فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله”.

 ففي مثل هذا الجو من الصلاح تكون قوامة الرجل بعطفه وحنانه على أسرته ، فإذا خرجت المرأة عن قوامة زوجها ، تأتي تكملة الآية :”واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ،فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا”.

فلا يجوز للمرأة بحال أن تكون عصبية وتكثر الصراخ وتسيء لزوجها ، لأنه القيم عليها، الحافظ لعرضها ،الحارس لشرفها .

ولكن عندما تنقلب الموازين ، فهذا أمر يكرهه الإسلام ،وقد كره الرسول صلى الله عليه وسلم المترجلة من النساء ، فالزوجة تأثم بمثل فعلها ، بل توجب غضب الله تعالى عليها بمثل هذا الفعل الذي يكاد يهدم البيت .

وقد تجنح كثير من النساء إلى أن يبقى زوجها معها في البيت ، ولا مانع من أن يمكث الرجل في بيته مع زوجته وقتا من اليوم ، فقد تكون المرأة وحدها ، وهي بحاجة إلى أنيس ، كما أن الرجل بحاجة إلى أنيس أيضا ، وإن كان الرجل يجد أنسه مع أصحابه وبعض معارفه، فأين أنس المرأة إن كانت تجلس وحدها وبمفردها في منزلها بين جدران أربع ، مع عدم وجود وسائل للتسلية المباحة ؟ ولكن لا يكون الجلوس جبرا وقسرا وقهرا .

وقد خلق الله تعالى الإنسان رجلا أو امرأة اجتماعيا بطبعه ، يحب أن يألف ويؤلف ،ويأنس ويؤنس ، ففي طلب زوجته الجلوس معها في البيت حق لها ، ولكن لا يكون ذلك طول الوقت ، فيكون هناك نوع من الموازنة في الأمور .

وفي تقديرنا أن عدم وجود الألفة بين الزوجين هو الذي يسبب النفور من البيت، فيجب على الزوج أن يحاول ليجد وسائل تحببه في وجوده مع زوجته ، ومع بعض الوسائل الأخرى التي تشغل زوجته وقت خروجه، وهذه الوسطية التي قيل عنها :خير الأمور أوسطها ، وهي ميزة من ميزات هذا الدين الحنيف ، فلا إفراط ولا تفريط .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون مع أهله ، يداعبهن ويلاعبهن ،ويكون معهن في كثير من شئونهن ، وفي ذات الوقت كان يخرج مع أصحابه ويتدارس معهم شئون الدعوة إلى الله تعالى ،فالواحب الموازنة بين الأمور كلها .
ولكن كل هذا يكون في قوامة من الرجل ، وقيامه بواجبه تجاه بيته وأسرته .

وعلى الزوج التقرب من الزوجة وملاطفتها، والإحسان لها فإن استبد بها الأمر فلعل أحدا من أهلها يثق به الزوج لا يخرج سرهما، وله تأثير عليها، ويستعمل معها الوعظ، والهجر، وغير ذلك مما ورد في الآية الكريمة.

وكذلك على الزوجة التقرب من زوجها وملاطفته، والإحسان له فإن استبد به الأمر فلعل أحدا من أهله تثق به الزوجة لا يخرج سرهما، وله تأثير عليه، وتستعمل مع زوجها الوعظ التذكير بالله وبترابط الأسرة وعدم تفككها وما له من الأجر في ذلك.