الخلع ‏(‏ بالفتح ‏)‏ لغة هو النزع والتجريد ‏,‏ والخلع ‏(‏ بالضم ‏)‏ اسم من الخلع ‏.‏ ‏

‏وأما الخلع عند الفقهاء فقد عرفوه بألفاظ مختلفة تبعا لاختلاف مذاهبهم في كونه طلاقا أو فسخا ‏,‏ فالحنفية يعرفونه بأنه عبارة عن ‏:‏ أخذ مال من المرأة بإزاء ملك النكاح بلفظ الخلع ‏.‏ ‏

‏وتعريفه عند الجمهور في الجملة هو ‏:‏ فرقة بعوض مقصود لجهة الزوج بلفظ طلاق أو خلع ‏.‏ ‏

‏ والطلاق من ألفاظ الخلع عند الشافعية والحنابلة كما سيأتي ‏,‏ ومعناه في اللغة اسم بمعنى التطليق ‏,‏ كالسلام بمعنى التسليم وتركيب هذا اللفظ يدل على الحل والانحلال ‏,‏ ومنه إطلاق الأسير إذا حل إساره وخلي عنه ‏.‏ ‏

‏وأما في الشرع فمعناه ‏:‏ رفع قيد النكاح من أهله في محله ‏,‏ وأما صلته بالخلع ‏,‏ سوى ما ذكر فهي أن الفقهاء اختلفوا في الخلع هل هو طلاق بائن ‏,‏ أو رجعي ‏,‏ أو فسخ ‏,‏ على أقوال سيأتي تفصيلها ‏.‏ ‏

‏والطلاق على مال هو في أحكامه كالخلع عند الحنفية ‏;‏ لأن كل واحد منهما طلاق بعوض فيعتبر في أحدهما ما يعتبر في الآخر إلا أنهما يختلفان من ثلاثة أوجه ‏:‏
‏أحدها ‏:‏ يسقط بالخلع في رأي أبي حنيفة كل الحقوق الواجبة لأحد الزوجين على الآخر بسبب الزواج ‏,‏ كالمهر ‏,‏ والنفقة الماضية المتجمدة أثناء الزواج ‏,‏ لكن لا تسقط نفقة العدة لأنها لم تكن واجبة قبل الخلع فلا يتصور إسقاطها به ‏,‏ بخلاف الطلاق على مال فإنه لا يسقط به شيء من حقوق الزوجين ‏,‏ ويجب به المال المتفق عليه فقط ‏.‏ ‏

‏الثاني ‏:‏ إذا بطل العوض في الخلع مثل أن يخالع المسلم على خمر أو خنزير أو ميتة فلا شيء للزوج ‏,‏ والفرقة بائنة ‏,‏ بخلاف الطلاق فإن العوض إذا بطل فيه وقع رجعيا في غير الطلقة الثالثة ‏;‏ لأن الخلع كناية ‏,‏ أما الطلاق على مال فهو صريح ‏,‏ والبينونة إنما تثبت بتسمية العوض إذا صحت التسمية ‏,‏ فإذا لم تصح التحقت بالعدم فبقي صريح الطلاق فيكون رجعيا ‏.‏ ‏

‏الثالث ‏:‏ الطلاق على مال ‏,‏ طلاق بائن ‏,‏ ينقص به عدد الطلقات بلا خلاف ‏,‏ وأما الخلع فالفقهاء مختلفون في كونه طلاقا ينقص به عدد ‏الطلقات ‏,‏ أو فسخا لا ينقص به عددها

‏أما حقيقة الخلع ‏:
‏ ‏
فلا خلاف بين الفقهاء في أن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق أو نوى به الطلاق فهو طلاق وإنما الخلاف بينهم في وقوعه بغير لفظ الطلاق ولم ينو به صريح الطلاق أو كنايته ‏.‏ فذهب الحنفية في المفتى به والمالكية والشافعي في الجديد والحنابلة في رواية عن أحمد إلى أن الخلع طلاق ‏.‏ وذهب الشافعي في القديم والحنابلة في أشهر ما يروى عن أحمد إلى أنه فسخ ‏.‏ ‏

‏هذا والقائلون بأن الخلع طلاق متفقون على أن الذي يقع به طلقة بائنة ‏,‏ لأن الزوج ملك البدل عليها فتصير هي بمقابلته أملك لنفسها ‏;‏ ولأن غرضها من التزام البدل أن تتخلص من الزوج ولا يحصل ذلك إلا بوقوع البينونة ‏.‏ إلا أن الحنفية ذكروا أن الزوج إن نوى بالخلع ثلاث تطليقات فهي ثلاث ‏,‏ لأنه بمنزلة ألفاظ الكناية ‏,‏ وإن نوى اثنتين فهي واحدة بائنة عند غير زفر ‏,‏ وعنده ثنتان ‏,‏ كما في لفظ الحرمة والبينونة وبه قال مالك ‏.‏ ‏

‏والخلاف في هذه المسألة إنما يكون بعد تمام الخلع لا قبله ‏,‏ وسبب الخلاف في كون الخلع طلاقا أو فسخا ‏,‏ أن اقتران العوض فيه هل يخرجه من نوع فرقة الطلاق إلى نوع فرقة الفسخ ‏,‏ أو لا يخرجه ‏.‏ ‏

واختلف الفقهاء في كون الخلع معاوضة من جانب الزوجة دون الزوج ‏,‏ أو منهما معا ‏,‏ وفي كونه يمينا من جانب الزوج دون الزوجة أو منهما معا ‏,‏ فذهب أبو حنيفة إلى أن الخلع من جانب الزوجة معاوضة ‏,‏ ومن جانب الزوج يمين وذهب الصاحبان إلى أنه يمين من الجانبين ‏,‏ ويترتب على كون الخلع يمينا من جانب الزوج أنه لا يصح رجوعه عنه قبل قبولها ‏,‏ ولا يصح شرط الخيار له ‏,‏ ولا يقتصر على مجلس الزوج ‏,‏ فلا يبطل بقيامه ‏,‏ ويقتصر قبولها على مجلس علمها ‏,‏ ويترتب على كونه معاوضة من جانبها صحة رجوعها قبل قبوله ‏,‏ وصح شرط الخيار لها ولو أكثر من ثلاثة أيام ‏,‏ ويقتصر على المجلس كالبيع ‏,‏ ويشترط في قبولها علمها بمعناه ‏;‏ لأنه معاوضة بخلاف الطلاق والعتاق ‏.‏ ‏

‏وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن الخلع معاوضة من الجانبين ‏,‏ إلا أن الشافعية ذكروا أن المعاوضة على القول بأن الخلع طلاق معاوضة فيها شوب تعليق لتوقف وقوع الطلاق فيه على قبول المال ‏,‏ وأما على القول بأنه فسخ فهي معاوضة محضة لا مدخل للتعليق فيها ‏,‏ فيكون الخلع في هذه الحالة كابتداء البيع ‏,‏ وللزوج الرجوع قبل قبول الزوجة ‏;‏ لأن هذا شأن المعاوضات ‏.‏ ‏

‏وصرح الحنابلة أن العوض في الخلع كالعوض في الصداق ‏,‏ والبيع إن كان مكيلا أو موزونا لم يدخل في ضمان الزوج ‏,‏ ولم يملك التصرف فيه إلا بقبضه ‏,‏ وإن كان غيرهما دخل في ضمانه بمجرد الخلع وصح تصرفه فيه ‏.‏ ‏

وقت الخلع ‏:‏

وقد صرح الشافعية والحنابلة أن الخلع جائز في الحيض والطهر الذي أصابها فيه ‏;‏ لأن المنع من الطلاق في الحيض للضرر الذي يلحقها بتطويل العدة ‏,‏ والخلع شرع لرفع الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والتقصير في حق الزوج ‏,‏ والضرر بذلك أعظم من الضرر بتطويل العدة ‏,‏ فجاز دفع أعظم الضررين بأخفهما ‏,‏ ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة عن حالها ‏;‏ ولأن ضرر تطويل العدة عليها والخلع يحصل بسؤالها فيكون ذلك رضاء منها به ودليلا على رجحان مصلحتها فيه ‏.‏ ‏

بتصرف من الموسوعة الفقهية الكويتية“ـ”