السلام على المصلي جائز مشروع، وقد سلم غير واحد على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته ، وكذلك يجوز للمصلي أن يرد السلام بالإشارة بأن يشير بكفه أو إصبعه ، وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة .

ولا ينبغي قطع الصلاة لرد السلام بالكلام، حتى لو كانت صلاة نافلة؛ لأن رد السلام بالكلام لا يجوز أثناء الصلاة بالاتفاق ، ولا حاجة إليه تبيح قطع الصلاة.

يقول الإمام العلامة ابن القيم – رحمه الله- في كتابه ( زاد المعاد):-

كان – رسول الله صلى الله عليه وسلم- يرد السلام بالإشارة على من يسلم عليه وهو في الصلاة”، وقال جابر: “بعثني رسول الله لحاجة، ثم أدركته وهو يصلي فسلمت عليه، فأشار إلي “ذكره مسلم في صحيحه، وقال أنس رضي الله عنه:” كان النبي يشير في الصلاة “ذكره الإمام أحمد رحمه الله. وقال صهيب :”مررت برسول الله وهو يصلي فسلمت عليه، فرد إشارة” قال الراوي لا أعلمه قال إلا إشارة بأصبعه ،وهو في السنن والمسند .

وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : خرج رسول الله إلى قباء يصلي فيه، قال فجاءته الأنصار فسلموا عليه وهو في الصلاة، فقلت لبلال كيف رأيت رسول الله يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال :يقول هكذا وبسط جعفر بن عون كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق. وهو في السنن والمسند وصححه الترمذي ولفظه كان يشير بيده.

وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:” لما قدمت من الحبشة أتيت النبي وهو يصلي فسلمت عليه، فأومأ برأسه” ذكره البيهقي .

وأما حديث أبي غطفان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:” قال رسول الله من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد صلاته”، فهو حديث باطل ذكره الدارقطني ، وقال : قال لنا ابن أبي داود : أبو غطفان هذا رجل مجهول، والصحيح عن النبي أنه كان يشير في صلاته رواه أنس وجابر وغيرهما.انتهى.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية :-

يشرع للمسلم أن يبدأ بالسلام أخاه المسلم وهو يصلي، ولكنه لا يرد عليه السلام وهو في صلاته إلا بالإشارة محافظة على صلاته، لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت لبلال كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة ؟ قال: يشير بيده . أخرجه أحمد 6/12، وأبوداود 1/569 برقم (927)، والترمذي2 /204 برقم (368) والبيهقي 2/262.، رواه الخمسة .

وثبت عنه أيضا عن صهيب رضي الله عنه أنه قال : ( مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلمت فرد إلي إشارة ) وقال : لا أعلم إلا أنه قال ( إشارة بأصبعه ) رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وقال الترمذي: كلا الحديثين عندي صحيح .

وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الركعتين بعد العصر، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، قالت دخل وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاهما، فأرسلت إليه الجارية فقلت: قومي بجنبه، فقولي له: تقول لك أم سلمة يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري، ففعلت الجارية، فأشار بيده فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال : ( يابنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر، فإنه أتاني أناس من بني عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان) رواه البخاري ومسلم . ففي هذه الأحاديث مشروعية السلام على المصلي وهو في صلاته، وأنه إنما يرد السلام بالإشارة لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ورده بالإشارة فقط .انتهى.

وقال العلامة الشوكاني في نيل الأوطار :
وعن عبد الله بن مسعود حديث عند البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي : { سلمنا عليه فلم يرد علينا }
وينبغي أن يحمل الرد المنفي ههنا على الرد بالكلام لا الرد بالإشارة؛ لأن ابن مسعود نفسه قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رد عليه بالإشار،ة ولو لم ترد عنه هذه الرواية لكان الواجب هو ذلك جمعا بين الأحاديث.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
اتفق الأئمة الأربعة على أن رد السلام بالقول في الصلاة مبطل لها، واختلفوا في الرد بالإشارة، فالراجح عند المالكية : أن الرد بالإشارة واجب، ويرى الشافعية أنه يستحب الرد بالإشارة، وذهب الأحناف إلى أنه يكره رده بالإشارة باليد، ولا تفسد به الصلاة، جاء في حاشية ابن عابدين : رد السلام بيده لا يفسدها، خلافا لمن عزا إلى أبي حنيفة أنه مفسد، فإنه لم يعرف نقله من أحد من أهل المذهب، وعند الحنابلة يجوز الرد بالإشارة .(انتهى).