الجمهور متفقون على أن من أفسد صومه بالجماع أن عليه القضاء والكفارة ، وخالف في هذا الشعبي والنخعي وسعيد بن جُبير، وقد رد العلماء كلامهم ، والذي عليه العمل هو رأي الجمهور ، ولا عبرة بخلافه .

يقول الشيخ عطية صقر – رحمه الله – :

الفقهاء الأربعة بالذات، مُجْمِعون على أنّ مَن أفطر في رمضان بالجِماع يفسد صومُه إذا كان عامِدًا عالمًا، ويجب عليه القضاء عند الجمهور.

وقال الشافعي في أحد قوليه: مَن لَزِمَتْه الكفّارة فلا قَضاء عليه، استنادًا إلى أن النبيَّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ لم يأمر الأعرابي الذي أخبره بأنّه جامَع زوجته في نهار رمضان بالقضاء، ويرده حديث رواه أبو داود بإسناده وابن ماجه أنه صلّى الله عليه وسلم قال للمُجامع :” وصُم يومًا مكانَه ” ولأنّ إفساد يوم من رمضان بأي مُفسد كالأكل والشرب يوجب القضاء، فكذلك الجِماع .

أما كفّارة الإفساد بالجماع فهي لازمة باتفاق المذاهب الأربعة إذا كان عامدًا مختارًا، وذلك لحديث البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رجلاً قال للنبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ : هلكتُ ، قال ” مالَكَ “؟

قال : وقعتُ على امرأتي وأنا صائِم فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ” هل تجِد رقبة تعتِقها” ؟ قال: لا قال:” فهل تستطيع أن تصومَ شهرين متتابعين” ؟ قال :لا، قال ” فهل تجِد إطعام ستِّين مسكينًا” ؟ قال:لا ، وبعد مدة أعطاه النبي عَرْقًا ـ مِكتلاً أي وِعاء ـ فيه تَمْرٌ، وأمره أن يتصدّق به، فقال الرجل: على أفقرَ مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتَيْها ـ الجَبلين ـ أهل بيت أفقر من أهل بَيتي، فضَحِكَ الرسول حتى بَدَتْ أنْيابُه ثم قال ” أطْعِمْه أهْلَكَ”.

لكنْ روى عن الشعبي والنخعي وسعيد بن جُبير أنّهم قالوا: لا كفّارة عليه؛ لأن الصوم عبادة لا تجب الكفّارة بإفساد قضائها، فلا تجب في أدائها، كالصّلاة إذا فسدت وجب قضاؤُها ولا تجب مع القضاء كفّارة إذا فسدت فكذلك الأداء.

وردَّ العلماءُ هذا بأن الأداء يتعلّق بزمن مخصوص يتعين به، أما القضاء فهو في الذّمة، إن بطل بالجِماع يومًا فعليه القضاء في يوم آخر، ولا يصح القياس على الصلاة؛لأنّ الصلاة لا يدخل في جُبرانها مال، والصوم يدخل في جُبرانه المال. “المغني لابن قدامة ج 3 ص54 ،55 “.

وعلى ذلك فالاتفاق على وجوب الكفّارة بالفطر من صيام رمضان، ولا عِبرة بقول من خالَف ذلك لضَعف دليله بالقياس.