من احتلم ولكنه لم يتيقن بأن السائل النازل هو المني الموجب للغسل، ولم يغتسل وذلك لأنه ظن أنه لا بد من اليقين، وبعد أيام اغتسل احتياطا لعلمه أن المحتلم إذا شك يغتسل احتياطا، فهل يعيد الصلوات التي صلاها قبل الغسل.

إن الخارج الذي يلزم منه الغسل هو المني فقط، أما غيره كالمذي والودي فلا يلزم منه غسل، والمني للرجل ماء غليظ أبيض ومني المرأة ماء رقيق أصفر ، وخواص المني ثـلاث :
إحداها: الخروج بشهوة مع الفتور عَقِبَه .
الثانية : الرائحة التي شبه رائحة الطَّلْع كما سبق .
الثالثة : الخروج بدَفْق و دَفْعات.
وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيًا ولا يشترط اجتماعها فيه، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيًا وغلب على الظن كونه ليس منيًا.

أما المذي : فهو ماء أبيض لزج يخرج عند التفكير في الجماع أو إرادته ولا يجد لخروجه منه شهوة ولا دفعًا ولا يعقبه فتور، يكون ذلك للرجل والمرأة وهو في النساء أكثر من الرجال قاله الإمام النووي في شرح مسلم ( 3/213 ) .  والمذي إذا خرج بعد التبول فإنه يصفر ويسمى : الودي، وحكمه كالمذي.

الحكم المترتب على خروجهما:
المنيّ يوجب الغسل من الجنابة سواء كان خروجه يقظة بجماع أو غيره أو كان في المنام بالاحتلام.
أما المذي فإنه يوجب الوضوء فقط ودليل ذلك ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كنت رجلا مذّاء فأمرت المقداد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال : ” فيه الوضوء ” متفق عليه واللفظ للبخاري .

ثم إن خرج هذا الخارج حال اليقظة، فباستطاعة المرء أن يميز بين هذه الثلاثة بسهولة، ويحكم على الخارج منه من أيها هو، ثم يبني الحكم على ذلك.

أما إن خرج في حالة النوم فإن الأصل أنه يلزم منه الغسل، إلا أن يترجح لديه أنه مذي بأن عرفه بأوصافه المتقدمة وميزه بها فلا يغتسل، لما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يجد البلل، ولا يذكر احتلاماً؟ قال: يغتسل. وعن الرجل يرى أنه قد احتلم، ولا يرى بللاً؟ قال: لا غسل عليه.

فإن شك هل هو مني أو مذي؟ بنى على هذا الأصل للحديث، ولأنه أبرأ للذمة.

جاء في المدونة ـ أشهر كتب الفقه المالكي ـ: في الذي يجد الجنابة في لحافه قال: وقال مالك: من انتبه من نومه، فرأى بللاً على فخذيه، وفي فراشه، قال: ينظر، فإن كان مذياً توضأ، ولم يكن عليه الغسل، وإن كان منياً اغتسل، قال: والمذي في هذا يعرف من المني، قال: وهو بمنزلة الرجل في اليقظة إذا لاعب امرأته إن أمذى توضأ، وإن أمنى اغتسل، قال: وقد يكون الرجل يرى في منامه أنه يجامع فلا يمني، ولكنه يمذي وهو في النوم، مثل من لاعب امرأته في اليقظة، قال: وقد يكون الرجل يرى في منامه أنه يجامع في منامه فلا ينزل، وليس الغسل إلا من المني، قال: وقال مالك:  والمرأة في هذا بمنزلة الرجل في المنام الذي يرى. (انتهى).