قال الخطيب الشافعي: الوَشْمُ ـ وهو غَرْز الجلد بالإبرة ـ حَرام للنَّهي عنه، فتجِب إزالته وذلك إذا لم يَخَفْ ضَررًا من الأضرار التي تُبيح التَّيمُّم ـ بإحداث مرض أو زيادته ـ فإن خافَ لم تجِب إزالته ولا إثم بعد التوبة.
وهذا كلُّه إذا فعله برضاه بعد بلوغِه، وإلا فلا تلزَمُه إزالتُه، وتصِحُّ صلاته وإمامته لغيره، ولا يُنجِّس ما وَضَع يده فيه مثلًا إذا كان عليها وَشْمٌ.
ومن هذا يُعْلَم أن الرجل تجِب عليه إزالة الوشم الذي فعله باختياره بعد البلوغ، وهذا إن كانت إزالته بطريقة لا تضُرُّ العضو المَوشومَ، فإن كانت الإزالة تضرُّه، فلا حرجَ وتصِحُّ صلاته، أما من وُشِمَ صغيرًا فلا يجِب عليه إزالة الوشم، وبالتالي تصِحُّ صلاته وإمامته.
والوشم مَنْهِيٌّ عنه بحديث “لَعَنَ اللهُ الواشمةَ والمُستوشِمةَ” والصحيح أن حُرمتَه مرتبطةٌ بقصد الغِشِّ والتّدليس، أو الفتنة والإغراء، وإن كان البعض حَرّمه؛ لأن فيه تَغييرًا لخلق الله؛ ولأن الدّمَ النَّجِس انعقد بسبب اللّون الموشوم به، ولا تَزول نجاستُه بالغُسل كسائر النَّجاسات، ومن هنا حُكِمَ بعدم صحّة الصّلاة إلا بعد إزالته إن أمكن بدون ضَرر كما تقدّم توضيحُه.
وكان الوَشم معروفًا عند العرب قبل الإسلام كغيرِهم من الأمَم. وكان يُقْصدُ به الجَمالُ إن كان في شفتيِ المرأة، ويُعرف باللَّمَى ، فاللَّمْياء حسنة في أعين الرِّجال عندهم، كما قصد به في بعض البلاد تمييز القبائل بعضها عن بعض، بخطوط ذات اتجاهات وأعداد متنوِّعة، كالموجودة في بلاد النّوبة جنوبي مصر، كما يُعملُ لأغراضٍ أخرى في مواضِعَ مُعيّنة من الجسم من أجل الجَمال في عُرف بعض القبائل، أو إظهار البأس والقُوّة وغير ذلك من الأغراض.