إن المرأة مخلوقة عاطفية، يغلب جانب العاطفة عندها؛ تحب الكلام الرقيق، تحب الثناء، تحب الاهتمام، تحب أن يكون زوجها مشغولا بها، يعبر عن شوقه وحاجته، ذلك هو الكلام المقصود من كلام الزوج.

ولو أن رجلا غنيا معه مال كثير وكنوز، ولكنه إذا لم ينفق على أهله من هذا المال وهذه الكنوز يكون بخيلا، ولا تنتفع الزوجة عند ذلك بماله رغم غناه، وينطبق هذا الأمر على الزوج الذي يكنّ لزوجته العاطفة والحب وقلبه مفعم بذلك، ولكن الزوجة لم تسمع بذلك، فإنه بخيل بالكلمة الرقيقة، بالثناء المطلوب، ويمنع حق الزوجة التي تطلب منه حقها، فالمطلوب من الزوج أن يفصح لزوجته بلسانه عن مكنون قلبه.

أيها الزوج! بالله عليك ما ذنب هذه المرأة المسكينة إذا لم تعبر لها عن حبك بكلمات ولو قليلة، تثني عليها وتصغي إليها، وهي محتاجة لذلك؟ أتحصل على ذلك من غيرك؟ إنها مؤمنة، إنها مخلصة، وإنها وفية لا تفعل ذلك مع أحد غيرك، ولكن هل تحب لها أن تشقى، وهي تعيش عطشى تحتاج للماء والماء قريب منها وتمنعه عنها؟ إن حاجتها للثناء والكلام الطيب أكثر ضرورة من حاجتها إلى النفقة والكساء والى ما توفره لها مما تراه أنت سببا للسعادة، السعادة شيء نفسي يحتاج لغذاء نفسي ليست المادة كافية فيه.

أيها الزوج عبر عن حبك لزوجتك، أعطها حقها، حقها في الثناء، تلطف معها، لاعبها، أرها أنك تحبها وأرها شوقك لها، وأرها حتى تخرج ما عندها، حتى لا تيئس منك؛ فتنصرف عنك، ولا أقول تنصرف إلى غيرك، والرسول صلى الله عليه وسلم يوما ما كان يجلس مع رجل من أصحابه فمر رجل آخر، فقال الرجل الذي يجلس مع النبي: إني أحب هذا الرجل؛ فقال له نبينا معلما ومبينا السلوك الواجب: “أخبرته بذلك؟” قال: لا، قال: “قم فأخبره” فقام الرجل في الحال، وقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتني فيه.

من أحق بهذا الأمر من الزوج لزوجته والزوجة لزوجها؟ إن نبينا كان يفعل ذلك مع زوجاته، كان نبينا يفصح بالقول والفعل عن حبه لزوجاته، أما بالقول فقد سأل سيدنا عمرو بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم: من أحب الناس إليك يا رسول الله بعد الله تعالى؟ قال: “عائشة”، قال: ومن الرجال؟ قال:” أبوها” ونسب أبا بكر إلى ابنته عائشة، فعبر النبي عن حبه لعائشة ، وكان هذا معلوما بين أصحابه ، بل لم يسمع التاريخ عن أجمل وأعظم قصة حب، كالتي بين النبي وعائشة، وقد بلغ بنبينا معلما للأمة كقدوة أن يقول لعائشة ليريها أنها مرغوبة حتى وهي حائض، وحتى في الظروف التي تتأبى النفس عن هذا الأمر عندما تكون الزوجة حائضا يقول لها: “اتزري” أي ضعي الإزار ليبين رغبته فيها، فيباشرها أي يتلذذ معها بغير الحرث، أي بغير جماع في الفرج.

فالنبي صلى الله عليه وسلم يرينا ويريها، وجوب التعبير للزوجة عن الحب والشوق، بل كانت عائشة تقول: كان رسول الله وأنا حائض يأخذ الإناء الذي فيه الطعام، ويقسم عليّ أن آكل منه، ثم يأخذ الإناء، ويتحرى موضع فمي ويضع فمه على موضع فمي من الإناء. مجاملة بل مؤانسة وإظهارا للمودة رحمة بهذه الزوجة، وكان يفعل هذا، وتقسم على هذا عائشة أنه كان يفعل ذلك في إناء الماء، فكانت تشرب عائشة ويأخذ هو الإناء ويتحرى موضع فمها فيشرب؛ كل ذلك ليعلم أمته كيف تكون العلاقة بين الزوجين، كيف تدوم المودة والرحمة، كيف تحتاج المرأة لملاطفة الرجل، لملاعبة الرجل، إلى حسن الكلام مع المرأة.

وكان نبينا يقول: “رفقا بالقوارير” فسماهن قوارير أي يحتجن إلى الحرص في الكلمة وفي المعاملة، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ، استوصوا بالنساء خيرا.” ويقول ربنا عز وجل: “وقولوا للناس حسنا” فما بالنا بزوجاتنا؟ ما بالنا بأم أولادنا؟ ما بالنا بمن تخدمنا؟ ما بالنا بمن تلبي حاجتنا العاطفية؟ الكلمة الطيبة صدقة “إن الشيطان ينزغ بينكم” أي يفسد بينكم.

فنقول للأزواج حتى تدوم السعادة ، حتى تقوم المرأة بواجبها، وحتى يسعد: أحب الأعمال إلى الله بعد الفرائض سرور تدخله على قلب مسلم، فما بالك بالصاحب بالجنب، وبالجوار الدائم، بشقائق الرجال، بالزوجة التي اخترتها دونما نساء العالمين ؟ أقول لك في الخطوبة : ألم تنتق الكلمات ، وترسل الخطابات التي تعبر عن مكنون القلب؟ لماذا لم تستمر ؟ أظن زوجتك تقول: واشوقاه لهذه البدايات، لا تحرمها ما تملك، قل لها كلمة تسعدها ولا تتردد.