عادة ما تبدأ العلاقة الزوجية بين الزوجين برغبة صادقة من كل طرف، أمل صادق في أن تكون العلاقة في أقصى درجات الكمال، ويحرص في البداية كل منهما على ذلك، ولكن يلاحظ أن البدايات يكون فيها تكلف مقصود، يتكلف الرجل كلاما وملبسا وهدايا ومثل هذه الأمور الطيبة، وتتكلف المرأة ذلك ايضا، تنتقي ملابسها، تنتقي زينتها، تنتقي الكلمات، بل يستعد كل منهما بكلماته قبل اللقاء، ويحرص كل منهما على إسعاد الآخر والإعجاب عند الطرف الآخر.

بعد الزواج بفترة تتغير الأمور فلا حاجة إلى التعبير عن الحب والإعجاب، لا حاجة بين الزوجين إلى التكلف، فقد أصبحا زوجين، وهذا خطأ شديد يقع فيه الكثير، يعتمد كل واحد على رصيد الحب الذي في قلبه للآخر، كما يعتمد على رصيد الحب الذي يكون عند الآخر، ولا يستثمران هذا القدر من الحب وهذا القدر من الرصيد.

فيجب على الزوجين تكلف هذه الأمور وهذه التعبيرات عن الحب والإعجاب والرغبة، يظل كل منهما يتكلفها كثيرا حتى تصبح سجية، حتى تصبح الحياة كلها تعبيرات عن المودة والرحمة والإعجاب، حياة نموذجا للسعادة، المفروض كلما مرت الأيام أن يزداد رصيد الحب، ويصبح كل منهما قادرا على التعبير، ويصبح ذلك فطرة بعد أن كان تكلفا ، ويكونا قادرين على التعبير عن الحب، ويصبح كل منهما حريصا على إسعاد الاخر، ويصبح كل منهما ممارسا لحياة زوجية تملؤها المحبة والمودة والعشرة الطيبة ، المفروض بمرور الأيام أن يزداد هذا الرصيد لدى كل منهما.

والذي يتسبب في فتور هذه العلاقة أننا لا نستثمر هذه العلاقة وهذه المودة، وهذا الاستثمار لابد منه، ولا يكون إلا بكلام ومجاملات وهدايا ومواقف سعيدة وتعبيرات طيبة بين الزوجين، كل منهما يحتاج إلى الآخر، احتياجا فطريا، الرجل يحتاج إلى المرأة، والمرأة تحتاج إلى الرجل،الزوج يحتاج إلى زوجة، والزوجة تحتاج إلى زوج، الذكر يحتاج إلى الأنثى، الأنثى تحتاج إلى ذكر، هذا الاحتياج فطري، هذا الاحتياج لا بد أن يُلبى، فيحرص كل من الزوجين على تلبية هذا الاحتياج للآخر، وهذه العلاقة مثل نظرية الأواني المستطرقة، كلما فاض من قلب إلى قلب أخر يرد له بنفس المستوى، “البر لا يبلى”، “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟” كلما أسعد الرجل زوجته، أسعدت الزوجة زوجها،ودام قلب زوجها، وسعدت معه.

لذا نحن عرفنا هذا الطريق: من أراد أن يعيد هذا الفتور إلى القوة عليه أن يبدأ عمليا بالتعبير عن مكنون قلبه وعن أشواقه ومحبته وعن رغبته وعن إعجابه بكل صنوف التعبيرات والإشارات، باللفظ والهدية والمجاملة والتعاون وإسعاد الطرف الآخر؛ فتنمو في الطرف الآخر المحبة وتترعرع؛ ويصبح البيت هناء واشواقا، ويتربى الأولاد على ذلك، ويصبح آية عجيبة مثل الشمس والقمر “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”.

فالواجب على المسلم أن يكون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ” وأفضل ما يكون عليه الرجل هو إظهار المحبة فعليا لزوجته كما كانت أيام الخطوبة حتى لا تصاب العلاقة الزوجية بالفتور فإن أصيبت بالفتور فعليه أن يعالجها بالتودد وبالكلام الطيب وكلام الحب والهدية ويستمر على ذلك وبهذا تبقى الحياة الأسرية في سعادة واستقرار.