السحر والعين:

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة بدار الإفتاء السعودية :السحرفي اللغة : عبارة عما خفي ولطف سببه، وفي الاصطلاح: السحر : عزائم ورقى، ومنه ما يؤثر في القلوب والأبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه، قال تعالى : (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ). [سورة البقرة الآية 102]

وأما العين فهي مأخوذة من عان يعين إذا أصابه بعينه، والعين حق، كما ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا. (صحيح مسلم السلام 2188، سنن الترمذي الطب 2062، مسند أحمد بن حنبل 1/294.)

وحكمها أنها محرمة كالسحر. وأما العلاج للعائن فإذا رأى ما يعجبه فليذكر الله وليبرك، كما جاء في الحديث : “هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت، سنن ابن ماجه الطب (3509),مسند أحمد بن حنبل (3/487),موطأ مالك الجامع (1747).

فيقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله، ويدعو للشخص بالبركة، وأما المعيون فيحصن نفسه بالإيمان بالله والتوكل عليه وقراءة ورد من القرآن والأدعية المأثورة، وإذا علم المعيون من أصابه بعينه فإنه يشرع له أن يطلب منه أن يغسل وجهه ويديه وداخلة إزاره في إناء ثم يغتسل المعين بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: انظر  “وإذا استغسلتم فاغسلوا”. (الرقية) انتهى.

حقيقة السحر وأنواعه:

السحر كما عرفه العلماء لغة ما خفي ولطف سببه، وكل شيء خفي سببه يسمى سحراً.

وأما شرعاً : فإنه ينقسم إلى قسمين :

الأول : عقد ورقي، أي قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور، لكن الله يقول: (وما هم بضارين به من أحد إلاّ بإذن الله).[البقرة:102].

الثاني : أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور، وعقله، وإرادته، وميله، فتجده ينصرف ويميل، وهو ما يسمى عندهم بالصرف والعطف.

فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى، حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء، والصرف بالعكس من ذلك. فينفر منها. ويؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئاً فشيئاً حتى يهلك. وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه. وفي عقله، فربما يصل إلى الجنون والعياذ بالله.

أقسام السحر:

فالسحر قسمان: شرك : وهو الأول الذي يكون بواسطة الشياطين يعبدهم ويتقرب إليهم ليسلطهم على المسحور.

عدوان وفسق : وهو الثاني الذي بواسطة الأدوية والعقاقير ونحوها. ويفهم من كلام العلماء في هذا الموضوع : أن السحر إما كفر ويكون صاحبه مرتداً ويجب قتله. أو إثم عظيم وكبيرة من الكبائر يوقع صاحبه (الساحر) في غضب الله القهار.

وأنه لا يقلب الأعيان إلى أعيان أخرى. كالحجر ينقلب شجراً. بل ذلك تخيل من المسحور وأنه يؤثر على المسحور من الضرر حتى القتل نسأل الله السلامة من شر الأشرار.

طرق الوقاية من السحر:

الوقاية منه قبل وقوعه تكون بالإكثار من التعوذ بالمعوذات عند المساء والصباح، وعند التلاوة وافتتاح الصلاة والخروج من المسجد، وعند إتيان الأهل ودخول الخلاء وقراءة سورة البقرة، ولا سيما فواتحها وخواتيمها، وآية الكرسي والآيتان بعدها، والإتيان بمائة من : لا إله إلا الله، وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

وبقيام الليل، والمحافظة على الوضوء والصلاة في الجماعة. ويمكن الرجوع في أدلة هذه المسائل “الصارم البتار في التصدي للسحرة والأشرار” لـ وحيد عبد السلام بالي.

كما أنه يقي منه بإذن الله تعالى التصبح بسبع تمرات عجوة، للحديث الثابت في الصحيحين : من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سُمّ ولا سحر.

العلاج من السحر بعد وقوعه:

وأما علاجه بعد وقوعه فيحصل بمعرفة مكانه فيستخرج ويتلف فيبطل معه السحر بإذن الله، كما عَمل النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سَحَرَه يهود. وتحصل بالرقية الشرعية، كما تحصل باستعمال بعض الأدوية المباحة كالسدر وغير ذلك من الأدوية، كماء زمزم والعسل والحبة السوداء. وثبت عنه أنه قال : ماء زمزم لما شرب له (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

وقال: الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام (رواه البخاري ومسلم).

وقال تعالى في العسل : يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ [النحل:69].

وللزيادة في الموضوع يرجع لكتاب “الصارم البتار” وكتاب “وقاية الإنسان من الجن والشيطان” لـ وحيد عبد السلام بالي وكتاب “فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين” لـ عبد الله الطيار.

ويكون العلاج كذلك بالقرآن، فإن القرآن كله شفاء لقوله تعالى : (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) [الإسراء 82] وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الاسترقاء بـ “قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقال : “لم يتعوذ الناس بمثلهن،” (رواه مسلم).
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين ونفث. (متفق عليه). والنفث : النفخ.
وتعوذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمعوذتين لما سحره اليهود.
وصح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال لمن رقى بالفاتحة : “وما يدريك أنها رقية”. (رواه البخاري).
وأما قراءة آيات معينة في الماء وصبها على المسحور فقد ذكر ابن القيم أثراً في ذلك عن أبي حاتم عن ليث بن أبي سليم قال : بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور والآيات هي قوله تعالى : (فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين) [يونس81 ] وقوله : (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون) [الأعراف 118إلى120] وقوله (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) [طه 69]

وعلق عليه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قائلاً : ثبت في سنن أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء وصبه على المريض ليس محذوراً من جهة الشرع إذا كانت القراءة سليمة. انتهى كلام الشيخ.

والخلاصة أن الاسترقاء من السحر وكذا من العين ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قوله وفعله، فيمكن للمسلم أن يقرأ في الماء بالفاتحة والإخلاص والمعوذتين وتنفث فيه بها، لأن هذه السور ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تخصيصها بالقراءة في الرقية.

ويمكن أن يقرأها في الماء ويقرأ الآيات التي تقدمت أو غيرها من القرآن وترش به المحل. لحديث أبي داود المتقدم ولأن القرآن كله شفاء.