جمهور العلماء يوجِب فديةً على من أخّر قضاء ما فاتَه من رمضان، حتى دخل رمضان الذي بعده، وتتأكّد هذه الفِدية، وهي إطعام مِسكين عن كل يوم بما يَكفيه غَداءً وعَشاءً، إذا كان تأخير القضاء لغير عذر، واستدلُّوا على هذا الحكم بحديث موقوف على أبي هريرة ، أي أنّه مِن كلامه هو، ونسبة هذا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي رفْعه إليه ضعيف، كما أن هذا الحكم مَرويٌّ عن ستّة من الصحابة ولم يَعلم يحيى بن أكثم مخالِفًا لهم، منهم ابن عباس وابن عمر، رضي الله عنهم.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا فدية مع القَضاء؛ وذلك لأن الله تعالى قال في شأن المرضى والمسافرين: (فَعِدّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ولم يأمر بفدية، والحديث المروي في وجوبها ضعيف لا يؤخذ به.

قال الشوكاني “نيل الأوطار ج 4 ص 318” مُنتصرًا لهذا الرأي: ليس هناك حديث ثابت عن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيها، وأقوال الصحابة لا حجّة فيها، وذهاب الجمهور إلى قول لا يدلُّ على أنه الحقّ والبراءة الأصليّة قاضية بعدم وجوب الاشتغال بالتكاليف، حتى يقوم الدليل الناقل عنها، ولا دليل هنا فالظاهر عدم الوجوب.

وقال الشافعي: إن كان تأخير القضاء لعُذر فلا فدية، وإلا وجبت، وهذا الرأي وسط بين الرأيين السابقين، لكن الحديث الضعيف أو الموقوف الوارد في مشروعية الكفّارة لم يُفرِّق بين العذر وعدمه. ولعل القول بهذا الرأي يُريح النفس لمُراعاته للخلاف بصورة من الصور، ثم إن قضاء رمضان واجب على التراخي، وليس على الفور وإن كان الأفضلَ التعجيل به عند الاستطاعة، فدين الله أحق بالقضاء العاجل، وثبت في صحيح مسلم ومسند أحمد أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان، ولم تكن تَقضيه فورًا عند قدرتِها على القضاء.

ولا يلزم في القضاء التتابُع والمُوالاة، فقد روى الدارقطني عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال في قضاء رمضان (إنْ شاء فَرَّق وإن شاء تابَع).