يقوم بعض الناس مثلا بوضع الحبوب كالقمح والشعير والذرة عند الخباز، ليطحنها ويأخذونها منه طحينا دقيقا، ويعطونه على عمله مبلغا محددا من المال أجرة لطحن كل كيلو. فلا بأس بهذا العمل إذا كانت الأجرة معلومة، ولا يوجد مانع يمنع هذه المعاملة.

إنما منع الفقهاء ما يعرف بقفيز الطحان، وتفسيره عند المانعين أن يعطي صاحب القمح الطحان قمحه ليطحنه مقابل بعض الدقيق الخارج منه.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :-

من  الفقهاء من لا يجيز أن تكون الأجرة بعض المعمول , أو بعض الناتج من العمل المتعاقد عليه , لما فيه من غرر , لأنه إذا هلك ما يجري فيه العمل ضاع على الأجير أجره , وقد { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قفيز الطحان } , ولأن المستأجر يكون عاجزا عن تسليم الأجرة , ولا يعد قادرا بقدرة غيره . وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية .

ومثاله : سلخ الشاة بجلدها , وطحن الحنطة ببعض المطحون منها , لجهالة مقدار الأجر , لأنه لا يستحق جلدها إلا بعد السلخ , ولا يدري هل يخرج سليما أو مقطعا .

وذهب الحنابلة إلى جواز ذلك إذا كانت الأجرة جزءا شائعا مما عمل فيه الأجير , تشبيها بالمضاربة والمساقاة , فيجوز دفع الدابة إلى من يعمل عليها بنصف ربحها , والزرع أو النخل إلى من يعمل فيه بسدس ما يخرج منه , لأنه إذا شاهده علمه بالرؤية وهي أعلى طرق العلم .

والمالكية في بعض الصور التي يمكن فيها علم الأجر بالتقدير يتجهون وجهة الحنابلة , فيقولون : إن قال : احتطبه ولك النصف , أو : احصده ولك النصف , فيجوز إن علم ما يحتطبه بعادة . ومثل ذلك في جذ النخل ولقط الزيتون وجز الصوف ونحوه . وعلة الجواز العلم . ولو قال : احتطب , أو : احصد , ولك نصف ما احتطبت أو حصدت , فذلك جائز على أنه من قبيل الجعالة . وهي يتسامح فيها ما لا يتسامح في الإجارة .

وقد أورد الزيلعي الحنفي صورة من هذا القبيل , وهي أن يدفع إلى الحائك غزلا ينسجه بالنصف . وقال : إن مشايخ بلخ جوزوه لحاجة الناس , لكن قال في الفتاوى الهندية : الصحيح خلافه .