صيام رمضان يُكَفِّر خطايا الإنسان الماضِيَة، كما ورد في الحديث المذكور، ومعنى أنه يصوم إيمانًا واحتسابًا: أن يكون الصيام مُوَجِّهًا له في كل سلوكه فيتعلم من الصيام مراقبة الله في أعماله والإخلاص له، وعند ذلك يَحْتَرِز عن الخطايا والمُنكَرات، ويكون ممَّن انتفع من الصيام، ولا حرَج على فضل الله؛ فهو الذي يَغْفِر الذنب ويَقْبَل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.

ولقد اشترط رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مغفرة الذنوب أن يكون الصوم إيمانًا واحتسابًا، ومما يشرح كلمة “إيمانًا واحتسابًا” ما رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: “مَن صام رمضانَ وعرف حدودَه وتحفَّظ مما ينبغي له أن يتحفَّظ منه كفَّر ما قبله”.

لابد ـ إذن ـ في تحقيقه “إيمانًا واحتسابًا” أن يعرف الإنسان حدوده، وأن يتحفظ من السيئات، وبذلك يتحقق قول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح: “الصيام جُنَّة وحصن من النار”.

وشرط الصيام إيمانًا واحتسابًا أن يبدأ الإنسان فيه بالتوبة الخالصة النَّصُوح، التوبة التي تُنادي كل خَلِيَّة من خلايا جسم الإنسان بها، التوبة التي تنبُع من أعماق الإنسان فتكون توبة صادقة تأخذ صفة النصوح، وإذا ما كانت التوبة كذلك فإنها تُثْمِر التقوى، فإذا ما أثمرت التقوى كان الإنسان في رِضا الله ـ سبحانه وتعالى ـ في الدنيا والآخرة.