معلوم أنَّ الأذان الذي هو الإعلام بدخول وقت الصلاة سُنَّة، وكذلك الإقامة لاستنهاض الحاضرين لأداء الصلاة سُنَّة أيضًا.
وألفاظ الأذان هي: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة. حي على الفلاح. الله أكبر . لا إله إلا الله ويمكن أن تُؤدى بإحدى كيفيات ثلاث هي:
الأولى ـ تربيع التكبير الأول (أي يُقال أربع مرات) وتثنية باقي الكلمات (أي تُقال مرتين) بلا ترجيع، أي قول أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله سِرًّا قبل الجهر بهما، ما عدا كلمة التوحيد وهي الأخيرة فتُقال مرة واحدة فيكون عدد الكلمات خَمس عشرة كلمة، كما جاء في حديث عبد الله بن زيد الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال : حسن صحيح.
الثانية ـ تربيع التكبير الأول، مع ترجيع الشهادتين (كُلُّ شهادةٍ مرتين سرًا) والباقي كالكيفية الأولى، فيكون عدد الكلمات تِسع عشرة كلمة، كما جاء في حديث أبي محذورة الذي رواه الخمسة أحمد وأصحاب السُّنن الأربعة، وقال الترمذي : حسن صحيح.
الثالثة: ـ تثنية التكبير الأول مع ترجيع الشهادتين، والباقي كالكيفية الأولى، فيكون عدد الكلمات سبع عشرة كلمة، كما جاء في حديث أبي محذورة الذي رواه مسلم.
وألفاظ الإقامة هي ألفاظ الأذان بزيادة “قد قامت الصلاة” قبل التكبير الأخير ويمكن أن تُؤدَّى بكيفيات ثلاثة هي:
الأولى: تربيع التكبير الأول مع تثنية جميع كلماتها، وما عدا الكلمةَ الأخيرة وهي كلمة التوحيد فيكون عدد الكلمات سبع عشرة كلمة، كما جاء في حديث أبي مَحْذورة الذي رواه الخمسة وصححه الترمذي.
الثانية ـ تثنية التكبير الأول والأخير وقد قامت الصلاة، وإفراد سائر الكلمات فيكون عددها إحدى عشرة كلمة، كما في حديث عبد الله بن زيد المُتقدم وفيه “ثم تقول إذا أقمت: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله”.
الثالثة ـ هذه الكيفية كالكيفية الثانية ما عدا كلمة “قد قامت الصلاة” فتُقال مرة واحدة فيكون عدد الكلمات عشر كلمات. وقد أخذ مالك بهذه الكيفية؛ لأنها عمل أهل المدينة، وإن لم يصح عن الرسول إفراد كلمة “قد قامت الصلاة” كما قال ابن القيم.من هذا العرض نرى أن كيفيات الأذان والإقامة مُختلفة، وكلها صحيحة ولا داعي للتعصب لأية كيفية.
أما كون المؤذن هو المقيم فلم يرد فيه حديث، فيجوز أن يقيم المؤذن وأن يقيم غيره، وذلك باتفاق العلماء لكن الأولى أن يتولَّى المُؤذن الإقامة. قال الشافعي: وإذا أذَّن الرجل أحببت أن يتولَّى الإقامة، وقال الترمذي والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن من أذَّن فهو يقيم. ويمكن الرجوع إلى صفحة 681 من المجلد الثالث من هذه الفتاوى ففيه توضيح لهذه المسألة.
وإذا سمع الناس الإقامة للصلاة متى يقومون إليها؟ قال النووي في شرح صحيح مسلم “ج 5 ص 103” اختلف العلماء من السَّلف فمن بعدهم متى يقوم الناس للصلاة ومتى يكبِّر الإمام، فمذهب الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ وطائفة أنه يُسْتَحب ألا يقوم أحد حتى يفرغ المُؤذن من الإقامة، ونقل القاضي عياض عن مالك ـ رحمه الله تعالى ـ وعامة العُلماء أنه يُستحب أن يقوموا إذا أخذ المُؤذن في الإقامة وكان أنس ـ رحمه الله تعالى ـ يقوم إذا قال المُؤذن: قد قامت الصلاة، وبه قال أحمد رحمه الله تعالى، وقال أبو حنيفة والكوفيون يقومون في الصف إذا قال حي على الصلاة، فإذا قال: قد قامت الصلاة كبَّر الإمام. وقال جمهور العلماء من السلف والخلف: لا يُكَبِّر الإمام حتى يفرغَ المُؤَذِّن من الإقامة.