الأصل في العدة بعد انفصال الزوجين بالطلاق أو بموت الرجل أن يعلم أن المرأة غير عالقة من الرجل لئلا يشتبه حال الولد، فلا يعلم أهو للزوج الأول أم الثاني؟ فإذا تكرر على المرأة الحيض أو الطهر ثلاث مرات؛ يعلم أنها غير حامل، ولهذا المعنى كانت عدة الحامل أن تضع حملها، فلو ولدت في اليوم الثاني جاز لها أن تتزوج.

والمتوفى زوجها تعتد لتعرف براءة رحمها من الحمل، ولمعنى آخر وهو الحداد على زوجها، ولذلك كانت عدتها أطول من عدة ذوات القروء إذ لا يليق بها أن تظهر الرغبة في الزواج بعد شهرين أو ثلاثة من موت زوجها، بل ذلك ينتقد منها ويؤلم قرابة زوجها، ولذلك زادت عدتها على عدة غيرها ووجب عليها الحداد أربعة أشهر وعشر ليال لا تتزين فيها، ولا تمس طيبًا مع أن الحداد على غير سائر الأهل والأقربين لا يزيد على ثلاثة أيام، فإن زاد حرم .

وذهب أكثر المفسرين إلى أن الحكمة في تحديد عدة الوفاة بهذا القدر أنه هو الزمن الذي يتم فيه تكوين الجنين ونفخ الروح فيه، ولابد من مراجعة الأطباء في هذا القول قبل التسليم به، والظاهر أن الزيادة لأجل الحداد، ولم يظهر شيء قوي في تحديده، ولكن هناك احتمالات منها أنه ربما كان من عرف العرب أن لا ينتقد على المرأة إذا تعرضت للزواج بعد أربعة أشهر وعشر من موت زوجها، فأقرهم الإسلام على ذلك لأنه من مسائل العرف والآداب التي لا ضرر فيها.

وقد كان من المعروف عندهم أن المرأة تصبر عن الزوج بلا تكلف أربعة أشهر ، وتتوق إليه بعد ذلك، ويروى أن عمر أمر أن لا يغيب المجاهدون عن أزواجهم أكثر من أربعة أشهر، إذا صح أن هذا أصل في المسألة تكون الزيادة الاحتياطية عشرة أيام.