اختلف الفقهاء في هل يجوز للمرأة أن تزوج نفسها أو لا بد من وجود الولي؟

إذا كانت المرأة بالغة عاقلة رشيدة ، فالإمام أبو حنيفة ذهب إلى أنه يجوز للمرأة البالغة العاقلة الرشيدة سواء أكانت بكرا أم ثيبا أن تزوج نفسها، ولكن الأفضل عند مباشرة عقد الزواج أن يتولاه عنها عن طريق الوكالة شخص قريب لها؛ واستدل على ذلك ببعض آيات القرآن الكريم التي تضيف النكاح إلى المرأة مثل قوله تعالى: “ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن” ومثل قوله تعالى : “حتى تنكح زوجا غيره” ففي الآيتين الكريمتين أسند فعل النكاح إلى المرأة. ويترتب على ذلك أنه يجوز لها أن تباشر العقد بنفسها أو بتوكيل من تشاء من أقاربها أو من المسلمين.

والمذهب الثاني وهو مذهب جمهور الفقهاء يرى أن المرأة لا يجوز لها أن تزوج نفسها؛ لأن عقد الزواج عقد خاص له قداسته، ويتنافى مع حياء المرأة أن تتولى بنفسها العقد؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.

والذي يناسب الغرب ويناسب كثيرًا من البلاد الإسلامية في ظل التطور والمكانة التي وصلت إليها المرأة والخبرة التي حصلت عليها في الحياة، نرى أن مذهب الإمام أبي حنيفة أقرب إلى تحقيق هذا الغرض، لكن الإمام أبا حنيفة اشترط شرطين، وغرضه من هذين الشرطين أن يحافظ على حقوق أقارب الزوجة:

-الشرط الأول إذا زوجت المرأة البالغة العاقلة الرشيدة نفسها أن تزوج نفسها من الكفء.

-الشرط الثاني أن تزوج نفسها بمهر المثل.

ونرى أن الإمام أبا حنيفة لو كان حيًا بيننا الآن لتنازل عن هذين الشرطين؛ لأن الكفاءة الآن اختلفت مواصفاتها؛ ولأن المهر والنواحي المالية يمكن أن تقيمها المرأة، والمهر على كل حال ليس ركنا من أركان العقد، ولا شيئا أساسيا فيه، إنما هو أثر من آثار العقد. خصوصا وأن المرأة في الغرب وفي كثير من البلاد في العالم الآن أصبحت تعرف مصلحتها وتستطيع أن تقدر من هو الكفء ومدى حاجتها إلى المهر. ويمكن الرجوع إلى كثير من كتب الفقه خصوصا الفقه الحنفي لمعرفة هذا الاتجاه، ومنها على سبيل المثال “فتح القدير” للكمال بن الهمام ” ، ومنها كتاب “المبسوط” للسرخسي، ومنها حاشية “ابن عابدين” ومن الكتب المعاصرة كتاب “الزواج والطلاق” للشيخ محمد أبي زهرة “وأحكام الأسرة” للدكتور محمد بلتاجي، وكتاب “مكانة المرأة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة” للدكتور محمد بلتاجي.
وينبغي أن نضيف إلى ما سبق وجوب توثيق هذا العقد بالطرق القانونية المتبعة في كل بلد.