على مذهب جمهور الفقهاء لا يجب على المسلم في قيمة الأرض زكاة إلا إذا باعها فعلا فحينئذ يجب عليه زكاتها عن سنة واحدة مهما طالت سنوات القنية. وزكاتها يكون بإخراج 2.5 % من جملة ثمنها، والأحوط  أن تخرج هذه النسبة من قيمة الأرض كل عام من السنة التي اشترى فيها ألأرض بنية البيع.

جاء في كتاب فقه الزكاة للشيخ القرضاوي :-

التجارة – كما عرّفها بعض الفقهاء – هي كسب المال ببدل هو مال (رد المحتار: 18/2).
ومال التجارة هو: ما يُعد لهذا الكسب عن طريق البيع والشراء.
وعرّفه بعضهم بقوله: هو ما يُعد للبيع والشراء لأجل الربح (مطالب أولي النهى جـ 96/2).
فليس كل ما يشتريه الإنسان من أشياء وأمتعة وعروض يكون مال تجارة، فقد يشتري ثيابًا للبسه، أو أثاثًا لبيته، أو دابة أو سيارة لركوبه، فلا يسمى شيء من ذلك عرض تجارة، بل عرض “قنية” بخلاف ما لو اشترى شيئًا من ذلك بقصد بيعه والربح منه.
فالإعداد للتجارة يتضمن عنصرين: عملاً ونيَّة، فالعمل هو البيع والشراء، والنيَّة هي قصد الربح/ فلا يكفي في التجارة أحد العنصرين دون الآخر (انظر الدر المختار ورد المحتار : 2 / 18 – 19، وبلغة السالك، وحاشيته : 1 /224).

لا يكفي مجرد النيَّة والرغبة في الربح دون ممارسة التجارة بالفعل (هذا هو قول الجمهور، وذهب ابن عقيل وأبو بكر من الحنابلة إلى أن عرض القنية يصير للتجارة بمجرد النية، وحكوه رواية عن أحمد لقوله فيمن أخرجت أرضه خمسة أوسق، فمكثت عنده سنين، لا يريد بها التجارة، فليس عليه زكاة، وإن كان يريد التجارة، فأعجب إلى أن يزكيه، لأن نية القنية في عرض التجارة كافية في جعله للقنية، فكذلك نية التجارة، بل أولى؛ لأن الإيجاب يغلب على الإسقاط احتياطًا، ولأنه أحظ للمساكين فاعتبر، ولحديث سمرة في إخراج الصدقة مما يُعَد للبيع، وهذا داخل في عمومه، وردوا على هذا القول بأن القنية هي الأصل، والتجارة فرع عليها، فلا ينصرف إلى الفرع بمجرد النية، كالمقيم ينوي السفر، لا يصير مسافرًا بمجرد النية ..انظر المغني – المطبوع مع الشرح -: 631/2، وانظر شرح الرسالة للعلامة المالكي زروق: 325/1) لا يكفي الممارسة بغير النية والقصد.

ولو اشترى شيئًا للقنية كسيارة ليركبها، ناويًا أنه إن وجد ربحًا باعها، لم يعد ذلك مال تجارة (انظر الدر المختار وحاشيته: 19/2) بخلاف ما لو كان يشتري سيارات ليتاجر فيها ويربح منها، فإذا ركب سيارة منها واستعملها لنفسه حتى يجد الربح المطلوب فيها فيبيعها، فإن استعماله لها لا يخرجها عن التجارة، إذ العبرة في النية بما هو الأصل، فما كان الأصل فيه الاقتناء والاستعمال الشخصي: لم يجعله للتجارة مجرد رغبته في البيع إذا وجد ربحًا، وما كان الأصل فيه الاتجار والبيع: لم يخرجه عن التجارة طروء استعماله.

أما إذا نوى تحويل عرض تجاري معين إلى استعماله الشخصي، فتكفي هذه النية عند جمهور الفقهاء لإخراجه من مال التجارة، وإدخاله في المقتنيات الشخصية غير النامية.

وشرط بعضهم هنا شرطًا آخر، وهو عدم قيام المانع المؤدي إلى “الثَّنَى” (المرجع نفسه ص18) في الزكاة، وهو أخذ الزكاة مرتين في عام واحد، وهو الذي يسميه رجال الضرائب “الازدواج” وفسر ابن قدامة “الثَّنَى” بأنه: إيجاب زكاتين في حول واحد بسبب واحد (المغني: 629/2) وقد جاء في الحديث: “لا ثِنَى في الصدقة” (الأموال ص 375).

وعلى هذا لو اشترى أرضًا زراعية للتجارة، فزرعها وأخرجت ما يجب فيه العُشر، اكتفى بزكاة العُشر عن الخارج، ولم تجب زكاة التجارة عن الأرض نفسها، حتى لا تتكرر الزكاة في مال واحد وخالف بعض الفقهاء، فغلبوا زكاة التجارة، وذهب بعضهم إلى القول بإيجاب الزكاتين (انظر الدر المختار ورد المحتار: 19/2، والمغني ص630) بناء على أن سبب هذه غير سبب تلك، فلا يُعد ذلك ثنَي.