إذا تم العقد بين الزوجين قبل الإسلام، ثم أسلم الزوجان فإن كان العقد قد انعقد على من يصح العقد عليها في الإسلام، فحكمه واضح فيما سبق. فإن أسلم أحد الزوجين دون الآخر، فإن كان الإسلام من المرأة انفسخ النكاح. وتجب عليها العدة، فإن أسلم هو وهي في عدتها كان أحق بها، لما ثبت أن عاتكة ابنة الوليد بن المغيرة أسلمت قبل زوجها صفوان بن أمية، بنحو شهر، ثم أسلم هو، فأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على نكاحه.

قال ابن شهاب ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجها كافر، مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلا أن يقدم زوجها مهاجرًا قبل أن تقضي عدتها، وإ نه لم يبلغنا أن امرأة فرق بينهما وبين زوجها إذا قدم وهي في عدتها.

وكذلك الحكم إذا أسلم بعد انقضاء العدة ولو طالت المدة فهما على نكاحهما الأول إذا اختارا ذلك ما لم تتزوج.
وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم ابنته زينب على زوجها أبي العاص بنكاحها الأول بعد سنتين ولم يحدث شيئًا.
رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن ليس بإسناده بأس وصححه الحاكم وهو من رواية ابن عباس.

قال ابن القيم: “ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرق بين من أسلم وبين امرأته إذا لم تسلم معه، بل متى أسلم الآخر. فالنكاح بحاله ما لم تتزوج.. هذه هي سنته المعلومة قال الشافعي: أسلم أبو سفيان بن حرب في الظهران، وهي وادي خزاعة. وبخزاعة مسلمون قبل الفتح في دار الإسلام، ورجع إلى مكة وهند بنت عتبة مقيمة على غير الإسلام، فأخذت بلحيته وقال: اقتلوا الشيخ الضال، ثم أسلمت هند بعد إسلام أبي سفيان بأيام كثيرة، وقد كانت كافرة مقيمة بدار ليست بدار الإسلام، وأبو سفيان بها مسلم وهند كافرة، ثم أسلمت بعد انقضاء العدة واستقرا على النكاح إلا أن عدتها لم تنقض حتى أسلمت”.
وكان كذلك حكيم بن حزام وإسلامه، وأسلمت امرأة صفوان بن أمية، وامرأة عكرمة بن أبي جهل بمكة، وصارت دارها الإسلام، وظهر حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهرب عكرمة إلى اليمن، وهي دار حرب وصفوان يريد اليمن، وهي دار حرب، ثم رجع صفوان إلى مكة، وهي دار الإسلام، وشهد حنينًا، وهو كافر، ثم أسلم فاستقرت عنده امرأته بالنكاح الاول وذلك أنه لم تنقض عدتها.
وقد حفظ أهل العلم بالمغازي، أن امرأة من الأنصار كانت عند رجل بمكة فأسلمت وهاجرت إلى المدينة، فقدم زوجها وهي في العدة فاستقر النكاح. انتهى.

قال صاحب الروضة الندية بعدما نقل هذا الكلام: أقول: إن إسلام المرأة مع بقاء زوجها في الكفر ليس بمنزلة الطلاق. إذ لو كان كذلك لم يكن له عليها سبيل بعد انقضاء عدتها إلا برضاها مع تجديد العقد، فالحاصل أن المرأة المسلمة إن حاضت بعد الإسلام ثم طهرت كان لها أن تتزوج بمن شاءت، فإذا تزوجت لم يبق للأول عليها سبيل إذا أسلم. وإن لم تتزوج كانت تحت عقد زوجها الأول، ولا تعتبر تجديد عقد ولا تراض.

هذا ما تقتضيه الأدلة وإن خالف أقوال الناس، وهكذا الحكم في ارتداد أحد الزوجين؛ فإنه إذا عاد المرتد إلى الإسلام كان حكمه حكم إسلام من كان باقيًا على الكفر.
وبناء عليه إذا المرأة أسلمت دون زوجها انتظرت حتى تحيض ثم تطهر فإذا تزوجت بآخر بعد ذلك فزواجها صحيح ولاغبار عليه مادام زوجها لم يسلم قبل انتهاء عدتها وليس من الضرورى أن تطلق من زوجها.