عقوق الابن لا يبرر لوالده أن يحرمه من الميراث ، لأن الميراث قد تولى الله تعالى توزيعه بنفسه، ولم يترك تفصيله للنبي صلى الله عليه وسلم، كما هو شأن كثير من التشريعات، ومنها الصلاة، وقد توعد الله تعالى من يخالف قواعد الميراث بالعذاب المهين.
وعلى الوالد أن يعالج عقوق ابنه بحكمة، وأن يدعو له بالهداية، ويصبر عليه، ورحم الله والدا أعان والده على بره.

مع ملاحظة أن المال حال الحياة ليس تركة، وأن توزيعه قبل الموت ليس ميراثا، والأصل أن يكون توزيع المال حال الحياة بالعدل، خاصة بين الأولاد، إلا أن يكون هناك مبرر كمرض أحدهم أو كونه وحده لم يتزوج.

يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي ، أستاذ الفقه :
قد أمر الله ببر الوالدين، والإحسان إليهما، ونهى عن عقوقهما وشدد في ذلك، وحذر منه في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين، فقال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا واخفض لها جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا). وقال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالدي إليَّ المصير).

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي الأعمال أحب إلى الله؟ فقال: الصلاة لوقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله”.
وسأل رجل رسول الله فقال: ما حق الوالدين على ولدهما؟ فقال: هما جنتك ونارك” فيجب على الإنسان أن يبر والديه في حياتهما، كذلك ينبغي له أن يبرهما بعد وفاتهما، وذلك بالدعاء والاستغفار لهما، وبالتصدق عنهما، وبقضاء ديونهما، وتنفيذ وصاياهما، وبصلة أرحامهما، وبر أصدقائهما، وأهل مودتهما.

فينبغي للإنسان أن لا يغفل عن ذلك في حق والديه خصوصًا، وفي حق غيرهما من الأقارب وذوي الحقوق عليه والمسلمين عمومًا، كما ينبغي للوالدين أن يعينوا أولادهم على برهم بالمسامحة، وترك المضايقة في طلب القيام بالحقوق ومجانبة الاستقصاء في ذلك، ولا سيما في هذه الأزمنة التي قل فيها البر والبارون، وفشا فيها العقوق وكثر العاقون، فإذا فعل ذلك، وسامح أولاده سلمهم وخلصهم من إثم العقوق، ومما يترتب عليه من عقوبات الدنيا والآخرة، وحصل له من ثواب الله كريم جزائه ما هو أفضل وأكمل وخير وأبقى من بر الأولاد، وقد قال عليه الصلاة والسلام: “رحم الله والدًا أعان ولده على طاعته”. وقال: “اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم”.

نقول لكل أب إنه من الخير لك ولجميع أولادك أن تتذرع بالصبر الجميل، وأن تدعو لأولادك بالخير، ولا تدعو على أحد منهم فقد يصلحه الله ببركة دعائك، فيعود بارًا بك فتنتفع أنت ببره، وتقر عينك به، ولتحذر أن تحرمه من الميراث حتى لا تتعرض لغضب الله، وأليم عقابه، فقد توعد الله من عصاه في أمر المواريث بأن له عذابًا مهينًا فقال تعالى: ( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ).