يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :

ثبت في الحديث الصحيح عند أحمد والبخاري وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد غلامًا يهوديًّا كان يخدمه قبل مرضه وقد استكبر الغلام ، وأبوه الفقير هذه العناية ، ودعا النبي الغلام إلى الإسلام فقال له أبوه : أطع أبا القاسم ، فأسلم ، والحديث يدل على مشروعية الابتداء بالزيارة .

قال الماوردي : (عيادة الذمي جائزة والقربة موقوفة على نوع حرمة تقترن بها من جوار أو قرابة ) – أي : إن العيادة في المرض ومثلها الزيارة جائزة ، ولكنها لا تكون عبادة يتقرب بها إلى الله إلا إذا اقترن بها شيء مما هو مطلوب في الشرع كحرمة الجوار والقرابة – وحسبنا أن تكون الزيارة في العيد وغيره مباحة .

على أن القواعد الإسلامية ترشدنا إلى أن حسن النية في الأعمال المباحة تلحقها بالعبادات .

هذا ومعلوم لدى المسلم الفرق بين الذمي الداخل في حكمنا وبين من نحن داخلون في حكمهم , فإذا صح لنا أن نجامل من نحكمهم عملاً بمكارم الأخلاق التي هي أساس ديننا ، أفلا يصح لنا أن نجامل من يحكموننا من غيرنا ، ونحن أحوج إلى مجاملتهم ؛ لأجل مصالحنا ، كما أننا نرى أنفسنا أحق منهم بمكارم الأخلاق ؟

وكأني بمتعصب يقول : قال ابن بطال : ( إنما تشرع عيادة المشرك إذا رجي  أن يجيب إلى الإسلام ) .

وأقول أولاً : إن كلامه في العيادة المشروعة ؛ أي : المطلوبة شرعًا ، ونحن نتكلم في العادات المباحة ، وثانيًا : إن الحديث السابق لا يدل على الاشتراط ، وقد أورد الحافظ ابن حجر كلامه في شرح البخاري ثم قال : ( والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف المقاصد ، فقد يقع بعيادته مصلحة أخرى ) ، وظاهر أن مصالح أهل الوطن الواحد مرتبطة بمحاسنة أهل بعضهم بعضًا ، وأن الذي يسيء معاملة الناس يمقته الناس فتفوته جميع المصالح ، لا سيما إذا كان ضعيفًا وهم أقوياء ، وإذا أسند سوء المعاملة إلى الدين ، يكون ذلك أكبر مطعن في الدين ؛ وعلى المسلم الذي يزور النصارى في أعيادهم ، ويعاملهم بمكارم الأخلاق، عليه اتقاء مشاركتهم في المحرمات كشرب الخمر مثلاً وغير ذلك مما هو محرم في دين الإسلام.