يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :-

الأصل في الإمامة في الصلاة: أنَّها للرجال، لأن الإمام إنما جُعل ليُؤْتم به، فإذا ركع ركع المأمومون خلفه، وإذا سجد سجدوا، وإذا قرأ أنصتوا.

والصلاة في الإسلام لها مقوماتها وخصائصها، فليست مجرد ابتهال ودعاء كالصلاة في النصرانية، بل فيها: حركات وقيام وقعود، وركوع وسجود، وهذه الحركات لا يحسن أن تقوم بها امرأة بين يدي الرجال، في عبادة يتطلب فيها خشوع القلب، وسكينة النفس، وتركيز الفكر في مناجاة الرب.

وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يخلق جسم المرأة على نحو يخالف جسم الرجل، وجعل فيه من الخصائص ما يثير الرجل، ويحرك غريزته، حتى يتم الزواج الذي يحدث به النسل، ويستمر به النوع، وتتحقق إرادة الله في عمارة الأرض.
فتجنبا لأي فتنة، وسدا للذريعة، جعل الشرع الإمامة والأذان والإقامة للرجال، وجعل صفوف النساء خلف صفوف الرجال، وجعل خير صفوف الرجال أولها، وجعل خير صفوف النساء آخرها ـ إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ” خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها، وخير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها ” ـ بُعدا عن أي فتنة تثار أو تحتمل.

والغرض من ذلك، أن يركِّز الرجل في صلاته فكره ووجدانه في توثيق صلته بربه، ولا يشطح به الخيال خارج الدائرة الإيمانية، إذا تحركت غريزته البشرية التي لا دافع لها.

وهذه الأحكام شرعية ثابتة بأحاديث صحيحة، ومستقرة بإجماع المسلمين، المتصل بعملهم خلال القرون الماضية، في جميع المدارس والمذاهب، وليس مجرد عادات وتقاليد كما قيل.
والإسلام دين واقعي، لا يُحلِّق في أجواء مثالية مجنحة، بعيدا عن الواقع الذي يحياه الناس ويعانونه، وهو لا يعامل الناس على أنهم ملائكة أولو أجنحة، بل على أنهم بشر لهم غرائز تحركهم ، ودوافع تثيرهم، ومن الحكمة أن يحرص الشارع الحكيم على حمايتهم من الافتتان، والإثارة، بمنع أسبابها وبواعثها ما أمكن ذلك، وخصوصا في أوقات التعبُّد والمناجاة والوقوف بين يدي الله ..