المسلم التارك للصلاة تكاسلا يكون ذلك لأسباب عديدة:

-عدم تصور تفاصيل عقاب تارك الصلاة.

-عدم وجود جو يشجع على الصلاة.

-عدم وجود صحبة تعين ، وتثبت ، وتذكر، وتدعو للصلاة.

-عدم وجود رفقة تشارك الآلام ، وتشاطر المخاوف من ترك الصلاة ، وتمد بروح القوة ، وقوة الروح.

وحسب المسلم أن يعرف أن العلماء اختلفوا في كفر تارك الصلاة ، فمنهم من قال : يكفر ، ومنهم من قال : هو فاسق لا كافر ، وكثير ممن قال : إنه فاسق قالوا يجب قتله إن لم يصل ( مذهب المالكية والشافعية )

-فهل يرضى مسلم أن يكون في أحسن أحواله فاسقا ؟
-وهل يرضى مسلم أن يكون إسلامه محل شك وخلاف بين العلماء ؟

فريق يقول : مسلم ، وفريق يقول : ليس بمسلم .

يقول الدكتور محمد منصور:

علَّمنا الإسلام أنَّ أول وسيلةٍ لعلاج أيِّ داءٍ هي تشخيصه، ثمَّ الصدق في حبِّ الشفاء منه، فمن شخص سبب عدم قدرته على أداء فريضة الصلاة باستغلال الشيطان لضعفه، وإن كان عنده الصدق في طلب العلاج، فعليه اتِّخاذ الأسباب التي تُعينه، والتي بمجرَّد أن يتَّخذها، فسيحدث تغييرٌ إن شاء الله تعالى، كما قال تعالى: “إنَّ الله لا يُغيِّر ما بقومٍ حتَّى يُغَيِّروا ما بأنفسهم.
وأسباب العلاج نوعان:
الأوَّل: تقدير حجم المشكلة.
الثاني: الخطوات العمليَّة للعلاج.

النوع الأوَّل: تقدير حجم المشكلة: من خلال:
1 –
العلم بحجم الثواب الذي يفوت المسلم يوميّا:
فأداء الصلاة في أوَّل وقتها أحبُّ عملٍ إلى الله تعالى على وجه الأرض، وإذا أحبَّ الله عملاً أجزل له الثواب؛ فلعلَّ ذلك يكون حافزاً للمسلم على الالتزام بها.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ العمل أحبُّ إلى الله تعالى؟ قال: “الصلاة على وقتها”، قلت: ثمَّ ماذا؟ قال: “برُّ الوالدين”، قلت: ثمَّ ماذا؟ قال: “الجهاد في سبيل الله”رواه البخاريُّ ومسلم.
ثمَّ إنَّ الصلاة فترةٌ للاتِّصال بالخالق لطلب عونه ورزقه.
2 – العلم بذنب التكاسل عن الصلاة:
فالخوف يدفع إلى العمل لاجتناب الأضرار، قال تعالى: “فويلٌ للمصلِّين، الذين هم عن صلاتهم ساهون“، فهم لا يتركون الصلاة، بل يؤدُّونها، ولكن بتهاونٍ أو عندما يتذكَّرون، فالويل والذنب لهم؛ فما بالك بمن لا يؤديها أصلا؟!

الثاني: الخطوات العمليَّة للعلاج:
1 –
الاستعانة بالله ودعاؤه بالتنشيط والتغلب على وساوس الشيطان:
قال تعالى: “وقال ربُّكم ادعونِي أستجب لكم”، وقال: “قل أعوذ بربِّ الناس، مَلِك الناس، إله الناس، من شرِّ الوسواس الخنَّاس”، فالشيطان يخنس، أي يتراجع بذكر الله تعالى ذكرا فيه حضور قلبٍ ويقينٌ بقدرة الله على التغيير.
والدعاء لابدَّ وأن يكون بإخلاص، أي بإرادةٍ حقيقيَّةٍ في الشفاء؛ إذ الإخلاص سببٌ رئيسيٌّ للتوفيق، كما نبَّهنا لذلك سبحانه عند الإصلاح بين الزوجين المتخاصمين: “إنْ يريدا إصلاحاً يوفِّقِ الله بينهما.
2 – التدريب على قوَّة الإرادة والصبر:
ويكون هذا ببعض الأعمال التي تعين على ذلك، كالصوم مثلا؛ فقد وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم لمن عجز من الشباب عن الزواج ليعصمه من الخطأ، فقال: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوَّج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجاء”رواه الخمسة، الباءة: أعباء الزواج، وِجاء: أي ضابطٌ للشهوة.
ولا يقعدك الشيطان أيها المسلم عن الصوم بوسوسته “إنَّك إذا كنت لا تصلِّي؛ فكيف تصوم؟”، ولكن إن كنت ضعيفاً في شيءٍ فأنت قويٌّ في أشياء أخرى كثيرة؛ فهذه هي طبيعة البشر.
أعلم أنَّ ذلك يحتاج جهداً في أوَّل الأمر، لكنَّه –كأيِّ شيءٍ يتمَّ التدريب عليه- يسهل ويصبح عادةً بالتدريج.
3 – التدريب على القيام أوَّل الوقت:
وهذا يتحقَّق من خلال ضبط الساعة أو الاتِّفاق مع زميلٍ أو جارٍ على تذكرتك، أو المرور عليك؛ لأخذك للصلاة عند سماع الأذان، منعاً للانشغال عنها أو التكاسل، أيُّ وسيلةٍ توصل لذلك قم بها، المهمُّ أن نصل للنتيجة.
4 – التواجد ما أمكن في وسطٍ صالح:
وهذا من شأنه أن يعين على الطاعة، ويبعد عن المعصية، قال صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل”رواه أبو داود والترمذيُّ والحاكم، وصحَّحه.
5 – الحرص على معاملات الإسلام ما أمكن:
فإن كان الشيطان قد غلبك في الصلاة؛ فلا يغلبك مثلاً في إتقان عملك وتقوى الله فيه، والمواظبة على مواعيدك، والوفاء بالوعود والأمانات مع الناس، وخدمتهم وعونهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، فإن حرصت على هذه المعاملات الإسلاميَّة سيكون ذلك بإذن الله حافزاً على محاولة استكمال بقيَّة جوانب الخير في نفسك، خاصَّةً الصلاة، وسيأتي عليك يومٌ تواظب عليها، وتعين غيرك ممَّن لا يصلُّون بوسائل العلاج التي اتَّخذتَها سابقا، وستكون نِعْم الداعي إلى الإسلام.