ورد فى حديث صحيح رواه البخارى ومسلم وغيرهما ويقول فيه الإمام النووى قوله صلى الله عليه وسلم : ( فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع , فيسبق عليه الكتاب , فيعمل بعمل أهل النار , فيدخلها . وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار إلخ ) ‏
‏المراد بالذراع التمثيل للقرب من موته ودخوله عقبه , وأن تلك الدار ما بقي بينه وبين أن يصلها إلا كمن بقي بينه وبين موضع من الأرض ذراع , والمراد بهذا الحديث أن هذا قد يقع في نادر من الناس , لا أنه غالب فيهم , ثم أنه من لطف الله تعالى وسعة رحمته انقلاب الناس من الشر إلى الخير في كثرة , وأما انقلابهم من الخير إلى الشر ففي غاية الندور , ونهاية القلة , وهو نحو قوله تعالى : { إن رحمتي سبقت غضبي وغلبت غضبي } ويدخل في هذا من انقلب إلى عمل النار بكفر أو معصية , لكن يختلفان في التخليد وعدمه ; فالكافر يخلد في النار , والعاصي الذي مات موحدا لا يخلد فيها كما سبق تقريره . ‏
‏وفي هذا الحديث تصريح بإثبات القدر , وأن التوبة تهدم الذنوب قبلها , وأن من مات على شيء حكم له به من خير أو شر , إلا أن أصحاب المعاصي غير الكفر في المشيئة .‏