يقول الأستاذ الدكتور زغلول النجار :

لما كان كل من الشمس والقمر من مكونات مجموعتنا الشمسية‏، وكذلك الكواكب وأقمارها‏،‏ فهل يمكن أن يكون اختيار الكواكب كرمز لإخوة يوسف في رؤياه التي رآها في حداثته إشارة من الله ـ تعالى ـ إلي أن عدد كواكب مجموعتنا الشمسية مساو لعدد إخوة نبي الله يوسف الأحد عشر؟ وللإجابة على ذلك السؤال لابد من استعراض سريع لتدرج اكتشاف الكواكب في مجموعتنا الشمسية‏.

الكواكب في مجموعتنا الشمسية:
‏(1)‏ إلي سنة‏1781‏ م كان العدد المعروف من كواكب المجموعة الشمسية ستة فقط هي من الداخل إلي الخارج على النحو التالي‏:‏

عطارد‏، الزهرة‏،‏ الأرض‏، المريخ، المشتري‏، وزحل‏،‏ وذلك لأن هذه الكواكب يمكن رؤيتها بالعين المجردة لقربها النسبي من الأرض وكبر حجمها‏.‏

‏(2)‏ في‏1781/3/13‏ م تم اكتشاف كوكب يورانوس‏Uranus‏ بواســـطة الفلكي الألماني الأصل الانجليزي الجنســــية وليام هيرشــــــل‏Wiliam Herschel‏.

‏(3)‏ بدءا من‏1801/1/1‏ م تسلسلت الاكتشافات لعدد من الكويكبات‏Asteroids‏ التي تجري في مدار محدد حول الشمس بين كوكبي المريخ والمشتري يعرف باسم حزام الكويكبات‏، ويضم آلافا من تلك الجسيمات التي يعتقد أنها ناتجة عن انفجار كوكب كان يجري في هذا المدار‏.‏ وقد تم اكتشاف أول هذه الكويكبات في‏1801/1/1‏ م بواسطة الفلكي الصقلي جيوسيبي بيازي‏GiuseppePiazzi‏ وهي جسيمات متباينة الأحجام أكبرها لا يتعدي قطره‏300‏ كم‏(‏ نحو ستة كويكبات‏)،‏ ونحو مائتي كويكب يزيد قطر الواحد منها عن‏100‏ كم‏،‏ والبقية يقدر قطر الواحد منها بأقل من كيلومتر واحد‏، ومجموع هذه الكويكبات لا يشكل أكثر من واحد من الألف من كتلة الأرض‏،‏ وهي في مجموعها تمثل الكوكب الثامن من كواكب المجموعة الشمسية‏.‏

‏(4)‏ في‏1846/9/23‏ م تم اكتشاف الكوكب نيبتيون‏Neptune‏ بواسطة الفلكيين الألمانيين جال‏،‏ داالرست

‏Johann Galleand Heinrichd Arrest‏.

بناء على حسابات سابقة قام بها على انفراد كل من الفلكي الإنجليزي جون س‏.‏آدامز‏John.CAdams‏ والفلكــي الفرنســي إيربين لوفيـــريه‏Urbain Leverrier‏ على الرغم من القول بأن جاليليو ‏Galileo‏ قد رآه في سنة‏1612‏ م‏.‏ واعتبر نيبتيون الكوكب التاسع في مجموعتنا الشمسية‏.‏

‏(5)‏ في‏1930/2/18‏ م تم اكتشاف الكوكب بلوتو‏Pluto‏ وتم الإعلان عنه في‏1930/3/13‏ م بواسطة الفلكي الأمريكي كلايد تومباو‏ClydeW.Tombaugh‏ بناء على عدد من الحسابات المســتقلة من كل من بيرســــيفال لويل‏1915‏ م‏Percival Lowell‏ وويليام بيكرنج‏WilliamH.Pickering(1919)، واعتبر بلوتو الكوكب العاشر في مجموعتنا الشمسية‏.‏

‏(6)‏ في‏2003/11/14‏ م تم اكتشاف الكوكب الحـــادي عشــر الذي أطـلق عليه اسم سيدنا‏Sedna، وتم الإعلان عنه في‏2004/3/15‏ م بواسطة مجموعة الفلكيين الأمريكيين براون‏،‏ تروجيللو‏، رابينو فيتز‏M.Browm ،Chad Trujilloand David Rabinowitz.‏

وذلك بناء على حسابات للفلكيين الروس الذين أطلقوا عليه من قبل اسم بروسوبينا‏(‏ أوبريينا‏)‏ دون أن يروه‏,‏ وحسابات الفلكي الأمريكي جوزيف برادي سنة‏1972‏ م التي كانت نظرية بحتة‏.‏

وهذا الكوكب الحادي عشر‏(‏ سيدنا‏)‏ يوجد علي بعد تسعين وحدة فلكية من الشمس‏(‏ أي‏90 150‏ مليون كم‏=13،500‏ مليون كم وبذلك تقدر سنته بعشرة آلاف وخمس سنوات أرضية‏،‏ بينما لا يزيد بعد الكوكب العاشر‏(‏بلوتو‏)‏ عن الشمس عن‏(39,53)‏ وحدة فلكية‏(‏ أي نحو‏5914‏ مليون كم‏)،‏ وبذلك تقدر سنته نحو‏248،54‏ سنة أرضية‏.‏

‏(7)‏ في سنة‏1950‏ م اقترح الفلكي الهولندي أوورت ‏JanH.Oort‏ وجود غيمة من المذنبات‏Comets‏ تحيط بمجموعتنا الشمسية علي هيئة قشرة كروية على مسافة تقدر بنحو خمسين ألف وحدة فلكية‏(50.000 150‏ مليون كم‏=7،5‏ مليون مليون كم‏)‏ وتعرف هذه الغيمة باسم غيمة أوورت للمذنبات‏The Oort Comet Cloud‏ ومجموع كتلة المادة في هذه الغيمة أقل من كتلة الأرض‏,‏ وتوزيعها في هذه القشرة الكروية الهائلة يشير إلي قلة كثافتها بشكل ملحوظ‏.‏ وأغلب المادة فيها قادمة من خارج نظام مجموعتنا الشمسية‏.‏
وفي سنة‏1951‏ م وصف الفلكي الأمريكي كويبر ‏Kuiper‏ حزاما آخر من المذنبات أقرب كثيرا من غيمة أوورت‏,‏ على بعد أربعين وحدة فلكية من الشمس عرف من بعد باسم حزام كويبر للمذنبات ‏The Kuiper Comer Belt.‏ ويعتقد بأن كلا من حزام كويبر وغيمة أوورت يندمجان في بعضهما ليكونا إطارا لمجموعتنا الشمسية من أحزمة المذنبات تقل فيه كثافة المادة بشكل ملحوظ‏.‏

من هذا الاستعراض يتضح أن عدد كواكب المجموعة الشمسية هو أحد عشر كوكبا كما جاء في رؤيا نبي الله يوسف ـ عليه السلام ـ والكوكب هو كل جسم كروي من أجرام السماء يدور حول ذاته ويجري في مدار محدد له حول الشمس‏،‏ وبعض الكواكب لها قمر واحد أو أكثر من قمر على هيئة تابع أو توابع‏.‏ أما الشهب والنيازك فهي أجسام صغيرة جدا لا تدور حول ذاتها وتدخل إلي نطاق المجموعة الشمسية من أطرافها أو من خارج حدودها‏، وكذلك المذنبات‏.‏

هذه الحقيقة لم تتأكد إلا باكتشاف كوكب سيدنا في‏2003/11/14‏ م‏، وسبق القرآن الكريم بالإشارة إلي عدد كواكب المجموعة الشمسية ولو بطريقة ضمنية في رؤيا منامية لنبي من أنبياء الله يعتبر آية من آيات الإعجاز العلمي في كتاب الله ـ تعالى ـ وقد يحذر دارس من إمكانية اكتشاف كوكب جديد‏،‏ ولكن على بعد أكثر من تسعين وحدة فلكية‏ (‏ وهي المسافة الفاصلة بين الكوكب الحادي عشر والشمس‏).‏ يتعذر على جاذبية الشمس الإمساك بأحد أجرام السماء الذي ينطبق عليه وصف الكوكب‏.‏

وعلى ذلك فإن قول ربنا ـ تبارك وتعالى ـ على لسان عبده ونبيه يوسف‏(‏ عليه السلام‏):‏

“‏…‏ يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين”‏ (‏ يوسف‏:4)‏

فيه سبق زمني بأكثر من أربعة عشر قرنا بحقيقة علمية لم تصل إليها العلوم المكتسبة إلا في سنة‏2003‏ م‏، وبعد مجاهدة استغرقت آلاف العلماء لمئات من السنين‏.‏ وهذا السبق العلمي لا يمكن لعاقل أن يتصور له مصدرا غير الله الخالق‏.‏

فالحمد لله الذي أنزل القرآن الكريم بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله‏، وتعهد بحفظه إلي ما شاء‏، في نفس لغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏)،‏ حتى يبقي هذا الكتاب المجيد شاهدا على جميع الخلق إلي يوم الدين‏.‏ والحمد لله على بعثه خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي تلقى هذا الوحي الخاتم فبلغ الرسالة‏، وأدي الأمانة‏، ونصح الأمة‏،‏ وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين‏، فنسأل الله ـ تعالى ـ أن يجزيه خير ما جزي به نبيا عن أمته‏، ورسولا على حسن أداء رسالته‏، وأن يؤتيه الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة من الجنة إن ربي لا يخلف الميعاد‏، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.