مسألة بيع النجاسات المتمثلة في روث الحيوانات من أجل الانتفاع بها في الزراعة مسألة خلافية فهناك من منعها وهناك من أجازها، والذي نرجحه هو جواز هذه التجارة نظرا لحاجة الناس.

يقول الشيخ عطية صقر ـ من علماء الأزهر – رحمه الله تعالى :

في حديث رواه جابر عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنَّ الله حرَّم بَيْع الخمر والمَيْتَة والخِنزير والأصنام”، فَقِيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يُطْلى بها السفن ويُدهن بها الجلود، ويَستصْبح بها الناس؟ فقال: “لا” هو حرام، قاتل الله اليهود، إن الله لما حرَّم شحومها جَمَلُوه ـ أذابوه ـ ثم باعوه وأكلوا ثمنه” رواه الجماعة.

ورَوى البَيْهقي بسند صحيح أن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ سُئل عن زَيْت وقَعَتْ فيه فَأْرَةٌ فقال: استصبحوا به، وادْهِنُوا به أَدَمَكُم، ومرَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على شاة لميمونة فوجدها مَيِّتة مُلقاة فقال: “هلَّا أخذْتم إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوه وانتفعتُم به” فقالوا: يا رسول الله إنَّها مَيْتة فقال: ” إنَّما حُرِّم أكْلها” رَواه الجماعة إلا ابن ماجة.

قال جمهور العلماء: إن بَيْع النَّجِس والتجارة فيه حرام والعَقد عليه باطل، بِناءً على الحديث الأول الذي نصَّ على الحُرمة وعلى لعْن اليهود الذين تاجروا فيه، أما استعمال النجس فهو حلال لغير الأكل بدليل الحديث الثاني وقول ابن عمر هذا، واستَثْنى الأحناف من حُرمة البيع والتجارة في النَّجِس كلَّ ما فيه منفعة، وتَبِعَهم الظاهرية فقالوا: يجوز بيع الأرْوَاث والأزْبَال النَّجِسة التي تُسْتخدم في الزَّراعة والوقود، وكذلك الزيت النجس والأصباغ المتنجِّسة ما دام الانتفاع بها في غير الأكل، وحُجَّتهم في ذلك أن الانتفاع ما دام حلالاً فالبيع حلال ما دام يُقصد به هذا، وفي غير الأكل، وأجابوا عن حديث جابر بأن حُرمة البيع كانت في أوَّل الأمر عندما كان المسلمون قَرِيبِي العهد باستباحة أكْلها، فلما تَمَكَّن الإسلام من نُفوسهم أُبِيحَ لهم الانتفاع بغير الأكل. أهـ