يقول الشيخ محمود شلتوت -رحمه الله- :

يقول الله تعالى في بيان الطهارة التي تجب على المُؤمن إذا أراد القيام إلى الصلاة (يا أيُّها الذينَ آمَنُوا إذا قُمْتُمْ إلى الصلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وأيْدِيَكُمْ إلَى المَرافِقِ وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وأرْجُلَكُمْ إلَى الكَعْبَيْنِ وإنْ كنتمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وإنْ كُنتُمْ مَرْضَى أو علَى سَفَرٍ أوْ جاءَ أحَدٌ مِنْكُمْ مِن الغَائِطِ أو لامَسْتُمُ النِّساءَ فلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكمْ وأَيْدِيكُمْ مِنْهُ).(6 : المائدة).

وإن بعض الأئمة فسَّر الملامسة في الآية بمَسِّ اليد أو نحوها، وعليه يكون مَسُّ المرأة ناقضًا للوضوء، وفسَّرها آخرون بالمُخالطة الخاصة، وعليه لا يكون المسُّ باليد ومنه المُصافحة ناقضًا للوضوء. وهذا هو الذي نختاره لما يلي: .

أولا: لأن القرآن استعمل المَسَّ في المُخالطة (لمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ). (ثم طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قبلِ أنْ تَمَسُّوهُنَّ). كما استعمل فيها المباشرة (ولا تُباشروهُنَّ وأنتم عاكفون في المساجد)، والمُلامسة كالمباشرة والمسِّ.

ثانيًا: أنه بتفسير المُلامسة بالمُخالطة الخاصة تكون الآية استوعبتْ جميع أنواع الطهارة الواجبة بالنسبة لأسبابها؛ فبيَّنت طهارة الوُضوء بقوله: (فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)…إلخ، وبيَّنت طهارة الغُسل بقوله: (وإنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا). ثم بيَّنت الطهارة بالتيمُّم حين العُذْر عن استعمال الماء بدلًا من الوضوء بقوله: (أو جاء أحدٌ منكمْ مِنَ الغَائِطِ). وبدلًا من الغُسل بقوله: (أوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ)

ثالثًا: قد صحَّت الأحاديث الدالَّة على بقاء الوُضوء بعد المَسِّ باليد ونحوها.

رابعًا: أن عدم نقْض الوضوء بالمُصافحة هو ما يقضي به اليُسْرُ الذي بُنيتْ عليه الشريعة وخُتمت به آية الطهارة: (ما يُريدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عليكمْ مِن حَرَجٍ ولكنْ يُريدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ولِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عليكمْ لعلَّكمْ تَشْكُرُونَ).