الزواج ميثاق غليظ، ورباط مقدس، يجمع بين الرجل والمرأة على كتاب الله تعالى وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويجعل كلاً منهما لصاحبه بمنزلة اللباس له ، كما قال الله تعالى في تصوير هذه العلاقة بينهما:{ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن }[البقرة: 187]. بما توحي به كلمة ( اللباس ) من القرب واللصوق والستر والدفء والزينة.

وقد أوجب الإسلام على الزوجين أن يحسن كل منهما عشرة صاحبه، وأن يصبر عليه، وأن يتقي الله فيه،
يجوز للمرأة طلب التطليق بحكم قضائى في حالات محدده وهي : ـ
1 – إذا كان الزوج عاجزاً عن النفقة.
2 – وجود الجنون والجذام والمرض والعيب المستحكم بالزوج.
3 – إذا غاب الزوج سنة فأكثر.
4 – إذا أقسم الزوج ألا يقرب زوجته أربعة أشهر وأكثر ، وانقضت المدة دون أن يقاربها ، أو يطلقها ، فإن الطلاق يقع.وهو ما يسمى الإيلاء.
5 – التفريق بسبب اللعان بمعنى إذا اتهم الرجل زوجته بالزنى ، أو نفى نسب ولدها ، فإذا رفع الأمر إلى القضاء ، ولم يستطع الزوج الإثبات ، حكم بالتفريق بينهما.
6 – التفريق للشقاق من أحد الزوجين.
7 – التطليق للضرة إذا تزوج عليها ، أو إخفائه إنه كان متزوجاً قبلها ، ولم ترض صراحة بالزوجة الجديدة.

وقد جاءت الشريعة الإسلامية بحرمة طلب المرأة الطلاق من غير ضرر واقع عليها، فعن ثوبان – رضي الله عنه – مرفوعًا : [ أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ] .
وعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – مرفوعًا : [وَإِنَّ المُخْتَلِعَاتِ والمنتزعاتِ هُنَّ المُنافِقَاتُ ، وما مِنِ امرأةٍ تَسْأَلُ زَوْجَها الطَّلاقَ من غَيْرِ بَأْسٍ ؛ فَتَجِدُ رِيحَ الجنةِ ، أوْ قال : رَائِحَةَ الجنةِ] أمّا لو قام سبب شرعي ، كأن يجبرها على أمر محرم ، أو يظلمها بتعذيبها ، أو يمنعها من حقوقها الشرعية مثلاً ، ولم ينفع النصح ، ولم تجد محاولات الإصلاح ، فلا يكون على المرأة حينئد من بأس إن هي طلبت الطلاق لتنجو بدينها ونفسها .

ولكن لا يعني هذا أبدا أن المرأة الكارهة لزوجها تظل تحت زوجها مع شدة بغضها له، وعدم احتمالها له، بل لها إذا لم تطق الحياة معه بغضا له أن تفدي نفسها منه فيما يعرف بالخلع كما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. كما أنه عند اشتداد الخصومة بين الزوجين يقوم الزوجان بتنصيب حكمين يحاولان رأب الصدع بينهما، ولهما أن يحكما بالطلاق إن رأيا أن ذلك هو الأفضل.

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:-
جعل الشارِع الحكيم للمرأة عدَّةَ مخارج تستطيع بأحدها التخلص من ورطتها:
ا- اشتراطها في العقد أن يكون الطلاق بيدها، فهذا جائز عند أبي حنيفة وأحمد. وفي الصحيح: “أحقُّ الشروط أن تُوَفُّوا به ما استَحلَلْتُم به الفروج” . “متفق عليه من حديث عقبة بن عامر، اللؤلؤ والمرجان: 2 / 894”
2- الخُلع: فللمرأة الكارهة لزوجها أن تَفدِي نفسها منه بأن ترُدَّ عليه ما أخذَتْ من صَدَاق ونحوه، إذ ليس من العدْل أن تكون هي الراغبة في الفراق وهدْم عُشِّ الزوجية، ويكون الرجل هو الغارم وحدَه.. قال تعالى: (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به). (البقرة: 229)
وفي السنة: أن امرأة ثابت بن قيس شكَت إلى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ شدَّة بُغضِها له: فقال لها: “أترُدِّين عليه حديقته”؟ ـ وكانت هي مهرَها ـ فقالت: نعم. فأمر الرسول ثابتًا أن يَأخُذ منها حديقتَه ولا يَزدَاد.” البخاري: 6 / 170 كتاب الطلاق باب (12) عن ابن عباس.
3- تفريق الحكَمين عند الشقاق.. فقد قال تعالى: (وإن خفتم شقاقَ بينِهما فابعثوا حكَمًا من أهله وحكمًا من أهلها إنْ يُريدا إصلاحًا يُوفِّق الله بينهما)، (النساء: 35) وتَسمية القرآن لهذا المجلس العائلي بـ “الحكمي” يَدُل على أن لهما حق الحكم والفصل.
وقد قال بعض الصحابة للحكمين: إن شئتُما أن تجمعَا فاجمعَا، وإن شئتما أن تفرِّقَا ففرقَا.

4- التفريق للعيوب الجنسية... فإذا كان في الرجل عيْب يُعجِزُه عن الاتصال الجنسي، فللمرأة أن ترفع أمرَها إلى القضاء فيَحكم بالتفريق بينهما، دفعا للضرر عنها، إذ لا ضرر ولا ضِرار في الإسلام.
5 – التطليق لمُضارَّة الزوجة … إذا ضارَّ الزوج زوجته وآذاها وضيَّق عليها ظُلمًا، كأن امتنع من الإنفاق عليها، فللمرأة أن تَطلُب من القاضي تطليقها، فيُطلقُها عليه جَبرًا، ليرفع الضرر والظلم عنها. قال تعالى: (ولا تُمسِكُوهنَّ ضِرارًا لتَعْتَدُوا)،(البقرة: 231) وقال تعالى: (فإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) .(البقرة: 229) ومن مُضارَّتها ضربها بغير حق.
بل لقد ذهب بعض الأئمة إلى جواز التفريق بين المرأة وزوجها المُعْسِر، إذا عجَز عن النفقة، وطلبت هي ذلك؛ لأن الشرع لم يُكلِّفها الصبر على الجوع مع زوج فقير، ما لم تقبل هي ذلك من باب الوفاء ومكارم الأخلاق.

وبهذه المخارج فتح الإسلام للمرأة أبوابًا عِدَّة للتحرُّر من قسوة بعض الأزواج، وتَسلُّطهم بغير حق. “انظر: “حق الزوجة الكارهة” من كتابي “فتاوى معاصرة”: 2 / 361 ـ 366″
إن القوانين التي يَضعها الرجال، لا يَبعُد أن تَجور على حقوق النساء، أما القانون الذي يَضعُه خالق الرجل والمرأة وربهما، فلا جُورَ فيه ولا مُحابَاة، إنه العدل كل العدل: (ومَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَومٍ يُوْقِنُونَ). (المائدة: 550)