لكل صلاة وقت لا يجوز تأخيرها عنه ، وتأخير الصلاة عن وقتها كبيرة من الكبائر باتفاق العلماء ، ما لم يكن التأخير بنية الجمع ، وما لم يكن في حالة النوم أو النسيان.

ولكن إذا حضرت الصلاة وكان الشخص قد فاتته بعض الصلوات السابقة فالواجب عند الجمهور أن يصلي الفوائت مرتبة أولا قبل صلاة الحاضرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك يوم فاتته أربع صلوات يوم غزوة الخندق فصلاهن مرتبة قبل الصلاة الحاضرة، وذلك قبل أن تشرع صلاة الخوف.

وذهب الشافعي وطاوس والحسن البصري ومحمد بن الحسن وأبو ثور وداود الظاهري إلى أن الترتيب مستحب لا واجب، لعدم وجود دليل صريح على الوجوب ؛ ولأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه لا يدل على الوجوب ، إلا أنه مما يعكر على هذا الاستدلال أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه في شأن الصلاة : ” صلوا كما رأيتموني أصلي

قال ابن قدامة  الحنبلي في المغني :-

الترتيب واجب في قضاء الفوائت . نص عليه أحمد في مواضع , قال في رواية أبي داود فيمن ترك صلاة سنة : يصليها , ويعيد كل صلاة صلاها وهو ذاكر لما ترك من الصلاة . وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنه ما يدل على وجوب الترتيب , ونحوه عن النخعي , والزهري , وربيعة , ويحيى الأنصاري , ومالك , والليث , وأبي حنيفة , وإسحاق .
وقال الشافعي : لا يجب ; لأن قضاء الفريضة فائتة , فلا يجب الترتيب فيه , كالصيام .

والراجح ما ذهب إليه الجمهور وهو وجوب الترتيب بين الفوائت لما روي : أن النبي صلى الله عليه وسلم فاته يوم الخندق أربع صلوات , فقضاهن مرتبات .
وقال : { صلوا كما رأيتموني أصلي } .
وروى الإمام أحمد , بإسناده , عن أبي جمعة حبيب بن سباع , وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن النبي صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب , فلما فرغ قال : هل علم أحد منكم أني صليت العصر ؟ فقالوا : يا رسول الله ما صليتها . فأمر المؤذن فأقام الصلاة , فصلى العصر , ثم أعاد المغرب . } .
وهذا يدل على وجوب الترتيب . انتهى.

وقال الشيرازي من فقهاء الشافعية  مبينا مذهب الشافعية:-

وإن فاتته صلوات فالمستحب أن يقضيها على الترتيب; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته أربع صلوات يوم الخندق فقضاها على الترتيب , } فإن قضاها من غير ترتيب جاز لأنه ترتيب استحق للوقت فسقط بفوات الوقت كقضاء الصوم . انتهى.

ويؤيد النووي مذهب الشافعية فيقول :-

احتج أصحابنا( الشافعية ) بأحاديث ضعيفة أيضا والمعتمد في المسألة أنها ديون عليه فلا يجب ترتيبها إلا بدليل ظاهر وليس لهم دليل ظاهر ولأن من صلاهن بغير ترتيب فقد فعل الصلاة التي أمر بها فلا يلزمه وصف زائد بغير دليل ظاهر. انتهى.

وقد تكون هذه الفوائت كثيرة جدا، فيصعب قضاؤها جميعا قبل الصلاة الحالة، فهل يجب حينئذ الترتيب أيضا ؟؟

يبين ذلك ابن قدامة فيقول :-

إذا ثبت هذا , فإنه يجب الترتيب بين الفوائت نفسها وإن كثرت , وقد نص عليه أحمد .
وقال مالك , وأبو حنيفة : لا يجب الترتيب في أكثر من صلاة يوم وليلة ; ولأن اعتباره فيما زاد على ذلك يشق , ويفضي إلى الدخول في التكرار , فسقط , كالترتيب في قضاء صيام رمضان . انتهى.