إذا دخل المسلم المسجد قبل أن يقام للعصر فليبادر بصلاة الظهر جماعة مع أي شخص ، فالجماعة مشروعة في القضاء كما هي مشروعة في الأداء، ومن دخل المسجد فوجد العصر مقاما ولم يكن قد صلى الظهر فيمكنه الدخول مع الإمام بنية الظهر، ثم إذا فرغ من الظهر صلى العصر، ولا يجوز له صلاة العصر قبل الظهر لوجوب الترتيب بين الصلاتين المجموعتين.

وبإمكانه أيضا أن يدخل مع الإمام بنية النافلة ثم يصلي الظهر والعصر بعد ذلك، ولا يجوز له أن يصلي الظهر وحده وقت صلاة الإمام للعصر.

وقد منع جمهور الفقهاء صلاة المفترض خلف من يصلي فرضا آخر ، وذهب الشافعية وغيرهم إلى جواز ذلك وهو الراجح.

فإذا كانت صلاة المأموم أطول أتمها بعد سلام الإمام ، وإن كانت صلاته أقصر نوى مفارقة إمامه عند تمام صلاته .

ولا يفوتنا أن ننبه إلى أن تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها كبيرة من الكبائر، وعلى من اضطرته الظروف إلى هذا أن ينوي الجمع ليخرج من الإثم على أن يكون ذلك في أضيق نطاق.

قال الإمام النووي مبينا حكم المذاهب في اختلاف نية المأموم عن الإمام :-
مذهبنا- نحن الشافعية – : أنه تصح صلاة النفل خلف الفرض , والفرض خلف النفل , وتصح صلاة فريضة خلف فريضة أخرى توافقها في العدد ، كظهر خلف عصر , وتصح فريضة خلف فريضة أقصر منها , وكل هذا جائز بلا خلاف عندنا – نحن الشافعية – .
ثم إذا صلى الظهر خلف الصبح ، وسلم الإمام قام المأموم لإتمام صلاته ، وحكمه كحكم المسبوق , ويتابع الإمام في القنوت , ولو أراد مفارقته عند اشتغاله بالقنوت جاز.
ولو صلى الظهر خلف المغرب جاز باتفاق- يقصد اتفاق الشافعية – , ويتخير إذا جلس الإمام في التشهد الأخير بين مفارقته لإتمام ما عليه وبين الاستمرار معه حتى يسلم الإمام ثم يقوم المأموم إلى ركعته كما قلنا في القنوت , والاستمرار أفضل .

وإن كان عدد ركعات المأموم أقل كمن صلى الصبح خلف رباعية أو خلف المغرب أو صلى المغرب خلف رباعية ففيه قولان في المذهب ( أصحهما ) وبه قطع العراقيون جوازه كعكسه . ( والثاني ) : بطلانه ; لأنه يدخل في الصلاة بنية مفارقة الإمام .
فإذا قلنا بالمذهب : وهو صحة الاقتداء ففرغت صلاة المأموم , وقام الإمام إلى ما بقي عليه , فالمأموم بالخيار إن شاء فارقه وسلم , وإن شاء انتظره ليسلم معه , والأفضل انتظاره , وإن أمكنه أن يقنت معه في الثانية بأن وقف الإمام يسيرا قنت , وإلا فلا , وله أن يخرج عن متابعته ليقنت .
وإذا صلى المغرب خلف الظهر , وقام الإمام إلى الرابعة ; لم يجز للمأموم متابعته , بل يفارقه ويتشهد , وهل له أن يطول التشهد وينتظره ؟ فيه وجهان : حكاهما إمام الحرمين وآخرون . ( أحدهما ) : له ذلك كما قلنا فيمن صلى الصبح خلف الظهر ( والثاني ) : قال إمام الحرمين , وهو المذهب : لا يجوز ; لأنه يحدث تشهدا وجلوسا لم يفعله الإمام .
ولو صلى العشاء خلف التراويح جاز , فإذا سلم الإمام قام إلى ركعتيه الباقيتين , والأولى أن يتمها منفردا , فلو قام الإمام إلى أخريين من التراويح فنوى الاقتداء به ثانيا في ركعتيه ففي جوازه القولان فيمن أحرم منفردا ثم نوى الاقتداء , الأصح : الصحة .