إذا كان الأب حيا ،وأراد أن يعطي أولاده هبة ، فالأصل هو التسوية بين الأولاد في الهبة والعطية، وذهب بعض الفقهاء إلى أنه إذا فضل بعض أولاده دون مسوغ شرعي للتفضيل فإن هذا التفضيل باطل وعلى الأب أن يبطله.

يقول الشيخ السيد السابق ـ رحمه الله ـ في كتابه فقه السنة:[1]

لا يحل لأي شخص أن يفضل بعض أبنائه على بعض في العطاء لما في ذلك من زرع العداوة وقطع الصلات التي أمر الله بها أن توصل. وقد ذهب إلى هذا الإمام أحمد وإسحاق والثوري وطاووس وبعض المالكية وقالوا: “إن التفضيل بين الأولاد باطل وجور ويحب على فاعله إبطاله، وقد صرح البخاري بهذا؛ واستدلوا على هذا بما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “سووا بين أولادكم في العطية. ولو كنت مفضلاً أحدًا لفضلت النساء”.
عن الشعبي، عن النعمان بن بشير، قال: أنحلني أبي نحلاً فقالت له أمي عمرة بنت رواحه –إئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشهده، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له. فقال إني نحلت ابني النعمان نحلاً، وإن عمرة سألتني أن أشهدك على ذلك. قال: فقال: ألك ولده سواه؟ قال. قلت: نعم، قال: فكلهم أعطيت مثل ما أعطيت النعمان؟ قال: لا أليس يسرك أن يكونوا لك في البر واللطف سواء؟ قال: نعم. قال: فأشهد على هذا غيري. وذكر مجاهد في حديثه: إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم. كما أن عليهم من الحق أن يبروك”.
قال ابن القيم:

“هذا الحديث هو من تفاضيل العدل الذي أمر الله به في كتابه وقامت به السموات والأرض وأثبتت عليه الشريعة فهو أشد موافقة للقرآن من كل قياس على وجه الأرض، وهو محكم الدلالة غاية الأحكام، فرد بالمتشابه من قوله: “كل أحد أحق بماله من ولده والناس أجمعين”.
فكونه أحق به يقتضي جواز تصرفه فيه كما يشاء ويقاس متشابهة على إعطاء الأجانب. ومن المعلوم بالضرورة أن هذا المتشابه من العموم والقياس لا يقاوم هذا الحكم المبين غاية البيان”. ا. هـ.
وذهب الأحناف والشافعي ومالك والجمهور من العلماء إلى أن التسوية بين الأبناء مستحبة والتفضيل مكروه وإن فعل ذلك نفذ.

[1] فقه السنة للشيخ السيد سابق (270-271) دار الفتح للإعلام العربي ـ القاهرة.