صلاة التروايح تسمى أيضا ” صلاة القيام” ولكن التراويح خاصة برمضان، وهي  سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يواظب عليها كل ليلة ، حتى إنه كان يواظب عليها في غير رمضان لأن قيام الليل كان فرضا عليه وحده صلى الله عليه وسلم .

والله تعالى فرض علينا صيام نهار رمضان ، وسن لنا النبي صلى الله عليه وسلم قيام ليله، فقال: ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ).

ولكنها مع ذلك سنة ، لا يعاقب تاركها ولا يأثم ، ولكنه يحرم خيرا كثيرا ، وفضلا جزيلا.

وعدد ركعات التروايح يبدأ من ثمانية ركعات غير العشاء وسنتها ( الشفع) والوتر ، ويجوز أن تصلى أكثر من ذلك ، كعشرين ، وربما صلى بعض المسلمين ستا وثلاثين ركعة،  وذلك يكون حسب القراءة، فمن صلى ثمانية أطال القراءة ، ومن صلى عشرين توسط ، ومن زاد خفف.
وذلك لأن الهدف ختم القرآن الكريم في شهر رمضان بقراءة جزء في كل ليلة.

وقتها يبدأ بعد صلاة العشاء.

صلاة التراويح أو صلاة القيام سنة لثبوت ذلك من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه”؛ أي إذا كان دافعه إلى ذلك إيمانًا بالله -عز وجل- ورغبة الصادقة في احتساب الأجر والثواب عنده.

وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاها في رمضان بعض الليالي، فلما كثر اجتماع الناس ليصلوها خلفه، لم يخرج إليهم، ولما سئل عن ذلك. قال: “خشيت أن تُفرَض عليكم فلا تطيقوها”. إذا فالنبي -صلى الله عليه وسلم- بيّن أصل مشروعيتها، وذكر سبب عدم خروجه إلى الناس ليصليها بهم، وهو خوفه من أن تفرض عليهم. فلما انتقل النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى ارتفع المانع؛ فكان الناس يصلونها فرادى إلى أن كانت خلافة سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فجمع الناس على إمام واحد.

وقد اختلف الفقهاء في عدد ركعاتها؛ فقد ذهب الأحناف، والشافعية، وأحمد، وداود الظاهري إلى أنها عشرون ركعة، وذهب المالكية إلى أنها ست وثلاثون، وذهب غيرهم إلى أنها ثمان فقط. ولكلٍ دليله. ولكن أقواها دليلا وأقربها إلى الصواب من ذهب إلى أنها ثمان غير الوتر، كما ثبت في حديث السيدة عائشة –رضي الله عنها- قالت: “ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يزيد في رمضان ولا في غير رمضان على إحدى عشرة ركعة” أخرجه البخاري في الصحيح في كتاب: التهجد – باب: قيام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل في رمضان وغيره.

ولكن ينبغي ألا ننكر على من يصليها عشرين، أو ستًا وثلاثين؛ لأن لهم أدلتهم المعتبرة، ونلفت النظر هنا إلى استحباب قراءة القرآن الكريم كله خلال صلاة التراويح طوال شهر رمضان؛ فإن قراءته والاستماع إليه في تدبر وخشوع في شهر رمضان من الأهمية بمكان لا يخفى؛ للتزود بتعاليمه وتوجيهاته طوال العام؛ لأن الله -عز وجل- إنما خصّ شهر رمضان بهذه الحفاوة البالغة من صيام وقيام؛ لأنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.

روى البخاري وغيره عن السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما كان يَزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلِّى أربعًا فلا تَسأل عن حُسْنهن وطُولهن، ثم يصلِّى أربعًا فلا تَسأل عن حُسْنهن وطُولهن، ثم يصلِّي ثلاثًا.
وقولها: “يصلِّى أربعًا” لا يُنافِي أنه كان يُسلِّم من ركعتين، وذلك لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “صلاة الليل مَثْنَى مَثْنَى”. وقولها ” يصلِّى ثلاثًا” معناه أنه يُوتِر بواحدة والركعتان شفْع. روى مسلم عن عروة عن السيدة عائشة قالت : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلِّي من الليل إحدى عشرة ركعة، يُوتر منها بواحدة، وجاء في بعض الطرق لهذا الحديث: يُسلِّم من كل ركعتين.
وروى ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما عن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلَّى بهم ثماني ركَعات والوتر، ثم انتظَرُوه في القابلة فلم يَخرج إليهم.
هذا هو ما صَحَّ من فعْل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يَصح عنه شيء غير ذلك.
لكن صَحَّ أن الناس كانوا يُصلُّون على عهد عمر وعثمان وعلي ـ رضي الله عنهم ـ عشرين ركعة، وهو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والحنابلة وداود. قال الترمذي : وأكثر أهل العلم على ما رُوِىَ عن عمر وعلي وغيرهما من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشرين ركعة. وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي. وقال: هكذا أدْركتُ الناس بمكة يُصلُّون عشرين ركعة، وذَهَب مالك إلى أنها ست وثلاثون ركعة غير الوِتر.
قال الزرقاني في شرح المواهب اللدنية: وذَكَر ابن حبان أنَّ التراويح كانت أولاً إحدى عشرة ركعة، وكانوا يُطيلون القراءة، فثَقُل عليهم، فخفَّفوا القراءة وزادوا في عدد الركعات. فكانوا يُصلُّون عشرين ركعة غير الشفْع والوتْر بقراءة متوسطة. ثم خفَّفوا القراءة وجَعَلوا الركعات ستًّا وثلاثين غير الشفع والوتر. ومَضَى الأمر على ذلك.
هذا ، وقد قال الحافظ في الجمع بين الروايات: أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها، فحيث تُطوَّل القراءة تُقلَّل الركعات، وبالعكس. وبه جَزَم الداودي وغيره.
ثم ذَكَر الحافظ أن أهل المدينة كانوا يُصلُّونها ستًّا وثلاثين لمساواة أهل مكة، فإنهم كانوا يَطوفون سبعًا بين كل ترويحتَين، فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات. ( انتهى).

وأما كيفية صلاتها فتكون بصلاة ركعتين ركعتين ، مع الاستراحة بين كل تريحة ( أربع ركعات ) وأخرى، ويجوز السكوت في هذه الاستراحة ويجوز قراءة القرآن أو الذكر جماعة أو فرادى، ويجوز أن يصلي من شاء منفردا.

جاء في موسوعة الفتاوى المصرية :
يجب أن يفهم أن صلاة التراويح ليست بفرض .‏
والدين يسر ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وسماحة الشريعة تقتضى من المسلمين ألا يصل بهم الاختلاف فى مثل هذه الأمور من الدين إلى التداعى والتنابذ والتشدد إلى درجة العقيدة والإيمان ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فمن استطاع صلاتها عشرين ركعة مغضيا الطرف عن هذا التعصب فقد أتى بالكمال وعمل عملا يثاب عليه وله أجر وافر، ومن لم يستطع صلاة العشرين صلى ما فى استطاعته ويكون بذلك مأجورا أيضا غير أنه لم يرق إلى درجة الكمال ولا يكون بذلك تاركا فرضا من الفرائض .‏
ويستحب الجلوس بين صلاة كل أربع ركعات بقدرها، وكذا بين الترويحة الخامسة والوتر، وهذا هو المتوارث عن السلف كما صلى أبى بن كعب بالصحابة وروى عن أبى حنيفة -‏ واسم التراويح ينبىء عن هذا -‏ إذ المستحب فقط هو الانتظار ولم يؤثر عن السلف شىء معين يلزم ذكره فى حالة الانتظار وأهل كل بلد مخيرون وقت جلوسهم هذا بين قراءة القرآن والتسبيح وصلاة أربع ركعات فرادى والتهليل والتكبير أو ينتظرون سكوتا ولا يلزمهم شىء معين(انتهى).

وأما القراءة في التروايح فإن الأولى ختم القرآن الكريم في صلاة التراويح ( قيام رمضان ) بقراءة جزء من القرآن في كل ليلة ؛ ومع ذلك ينبغي مراعاة حال المصلين واجتماع كلمة المسلمين وتوحدهم وعدم اختلافهم وتفرقهم.

فينبغي للإمام أن يخفف القراءة حتى لا ينفر المصلين .
وعلى المصلين أن يصبروا ويتحملوا لينالوا الأجر الكبير الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، ولا مانع من الجلوس في صلاة التراويح ، خاصة لمن يجد مشقة من طول الوقوف ، لأنها صلاة تطوع لا يشترط لها القيام ، ولكن من جلس وهو قادر فثوابه أقل ، ومن جلس لعذر فلا يقل ثوابه بفضل الله تعالى.

يقول الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في كتابه ” قيام رمضان”:
وأما القراءة في صلاة الليل في قيام رمضان أو غيره ، فلم يَحُدَّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم حداً لا يتعداه بزيادة أو نقص ، بل كانت قراءته صلى الله عليه وسلم فيها تختلف قصراً وطولاً ، فكان تارة يقرأ في كل ركعة قدر ( يا أيها المزمل ) ، وهي عشرون آية ، وتارة قدر خمسين آية ، وكان يقول : ” من صلى في ليلة بمائة آية لم يُكْتَبْ من الغافلين ” .
وفي حديث آخر : ” . . . بمائتي آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين ” .

وقرأ صلى الله عليه وسلم في ليلة وهو مريض السبع الطوال ، وهي سورة ( البقرة ) ، و ( آل عمران ) ، و ( النساء ) ، و ( المائدة ) ، و ( الأنعام ) ، و ( الأعراف ) ، و ( التوبة ) .

وفي قصة صلاة حذيفة بن اليمان وراء النبي عليه الصلاة والسلام أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة واحدة ( البقرة ) ثم ( النساء ) ثم ( آل عمران ) ، وكان يقرؤها مترسلاً متمهلاً ، وإسناده صحيح .

وثبت بأصح إسناد أن عمر رضي الله عنه لما أمر أُبّيَّ بن كعب أن يصلي للناس بإحدى عشرة ركعة في رمضان ، كان أُبيٌّ رضي الله عنه يقرأ بالمئين ـ المئات ـ ، حتى كان الذي خلفه يعتمدون على العِصِي من طول القيام ، وما كانوا ينصرفون إلا في أوائل الفجر، رواه الإمام مالك .

وصح عن عمر أيضاً أنه دعا القـُرَّاءَ في رمضان ، فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية ، والوسط خمساً وعشرين آية ، والبطيء عشرين آية، رواه مالك ، وعبد الرزاق في “المصنف” . وهو صحيح الإسناد.

وعلى ذلك فإن صلى القائم لنفسه فليطول ما شاء ، وكذلك إذا كان معه من يوافقه ، وكلما أطال فهو أفضل ، إلا أنه لا يبالغ في الإطالة حتى يُحيي الليل كله إلا نادراً ، اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم القائل : ” وخير الهدي هدي محمد ” ,رواه مسلم .

وأما إذا صلى إماماً ، فعليه أن يطيل بما لا يشق على من وراءه لقوله صلى الله عليه وسلم : ” إذا قام أحدكم للناس فليخفف الصلاة ، فإن فيهم الصغير والكبير وفيهم الضعيف ، والمريض، وذا الحاجة، وإذا قام وحده فليطل صلاته ما شاء ” متفق عليه، وهذه رواية مسلم. (انتهى)

وعليه: فإذا كان بعض المصلين ينفرون من قراءة الجزء ، فلا بأس بتقليل القراءة بما لا ينفرهم ، كأن يقتصر الإمام على قراءة حزب ، بدلا من الجزء ، ولا مانع من أن يقوم الراغبون في تطويل الصلاة بتأخير الوتر ويصلوا ركعتين أو أربعا بعد الفراغ من التراويح ويطيلون فيها كما يشاءون .