من أكل أموال الناس بالباطل أخذ الرشوة، وهي ما يدفع من مال إلى ذي سلطان أو وظيفة عامة، ليحكم له أو على خصمه بما يريد هو، أو ينجز له أو يؤخر لغريمه عملاً، وهلم جرًا.
وقد حرم الإسلام على المسلم أن يسلك طريق الرشوة للمسؤول وأعوانه كما حرم على هؤلاء أن يقبلوها إذا بذلت لهم، وحظر على غيرهم أن يتوسطوا بين الآخذين والدافعين.
قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون). (البقرة: 188).
وقال – صلى الله عليه وسلم -: ” لعنة الله على الراشي والمرتشي في الحكم “. (رواه أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه).
وعن ثوبان قال: لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” الراشي والمرتشي والرائش . (رواه أحمد والحاكم – والرائش: هو الوسيط بين الراشي والمرتشي).
وإذا كان آخذ الرشوة قد أخذها ليظلم فما أشد جرمه، وإن كان سيتحرى العدل فذلك واجب عليه لا يؤخذ في مقابله مال.
وبعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عبد الله بن رواحة إلى اليهود ليقدر ما يجب عليهم في نخيلهم من خراج، فعرضوا عليه شيئًا من المال يبذلونه له، فقال لهم: ” فأما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت، وإنا لا نأكلها “. (رواه مالك).

ولا غرابة في تحريم الإسلام للرشوة وتشديده على كل من اشترك فيها، فإن شيوعها في مجتمع شيوع للفساد والظلم من حكم بغير الحق أو امتناع عن الحكم بالحق، وتقديم من يستحق التأخير، وتأخير من يستحق التقديم، وشيوع روح النفعية في المجتمع لا روح الواجب.

الرشوة لرفع الظلم
ومن كان له حق مضيع لم يجد طريقه للوصول إليه إلا بالرشوة، أو وقع عليه ظلم لم يستطيع دفعه عنه إلا بالرشوة . فالأفضل له أن يصبر حتى ييسر الله له السبل لرفع الظلم، ونيل الحق.
فإن سلك سبيل الرشوة من أجل ذلك فالإثم على الآخذ المرتشي وليس عليه إثم الراشي في هذه الحالة ما دام قد جرب كل الوسائل الأخرى فلم تأت بجدوى، وما دام يرفع عن نفسه ظلمًا أو يأخذ حقا له دون عدوان على حقوق الآخرين.