إن غاية ما نطلبه من الزوجة الأولى أن لا تضن على الزوجة الجديدة بما قبلته  لنفسها، فقد قبلت أن تكون الزوجة الثانية الكسيرة، فلماذا لا ترضى الأولى لها هذا؟!

إن ما يزعج الزوجة، وينغص عليها حياتها أنها تعتبر أن زوجها قد خانها، وظلمها، وآذاها، وقابل إحسانها بإيذاء بالغ.

وهذه فكرة غريبة على مجتمع الإسلام، فليس التعدد جريمة، ولا منكرا، ولا زورا، ولا ظلما للزوجة الأولى.

فأي ذنب أذنبته السيدة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حتى يتزوج عليها النبي صلى الله عليه وسلم؟

وهل أساء إليها حينما تزوج عليها؟ وهل نقص حبه لها بعد أن تزوج عليها؟

ألم يكن يقول : يارب! هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك؟ يقصد شدة ميله لعائشة رضي الله عنها.

أليس هو القائل فيما رواه البخاري ومسلم : “أحب الناس إلي عائشة، ومن الرجال أبوها”.

فالحب ليس قطعة حطب تحترق مرة واحدة… لا، ولكن القلب لديه القدرة على أن يحب مرة ومرات، والحب اللاحق لا ينسخ الحب السابق.

فهبي أن زوجك أحب الزوجة الجديدة… أكان يرضيك أن ينفس عن حبه هذا في الحرام؟ فيرضيك في الدنيا ويفسد آخرته، أو تكون هي التي أحبته فأحب أن يعفها ويصونها.

أو تكون لديه الحاجة لامرأة أخرى، ولا يريد لك التصريح حتى لا يؤذيك.

واعلمي أن على قدر صبرك يكون أجرك، وكلما استبد بك الغضب اذكري أنك لست بأفضل من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.

إن صبر المرأة على طاعة زوجها سبب من أسباب دخول الجنة، كما في الحديث الذي رواه ابن حبان ” إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت. (والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير).

وصبرها على زواج زوجها بامرأة أخرى له أجر خاص فوق هذا من عدة وجوه :

1- أن زواج زوجها عليها يعد ابتلاء وامتحانا لها، فإن صبرت على ذلك كان لها أجر الصبر على البلاء، كما قال الله: ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر /10].

وفي الحديث ” ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه”. (رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد وأبي هريرة).

وروى الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله و ما عليه خطيئة “. (وصححه الألباني في صحيح الجامع).

2 – أن المرأة إن قابلت ذلك بالإحسان إلى زوجها وإلى الزوجة الأخرى كان لها جزاء المحسنين (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين) يوسف/90، (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) الرحمن /60)، (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت /69].

3 – أنها إن حصل لها غيظ من ذلك، فكظمت غيظها، وكفت لسانها كان لها من كظم غيظه، قال الله عن أهل الجنة (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران /134].

فهذه أجور زائدة على أجر طاعة المرأة لزوجها في الأحوال العادية.

وينبغي للمرأة العاقلة أن ترضى بما قسم الله تعالى لها، وأن تعلم أن زواج زوجها من امرأة أخرى أمرٌ مباح فلا وجه للاعتراض عليه. وقد يكون في زواجه مزيد إعفاف وإحصان له، يمنعه من الوقوع في الحرام.

ومن المؤسف حقا أن من النسوة من يكون اعتراضهن على اقتراف الزوج للحرام أقل من اعتراضهن على زواجه بامرأة أخرى في الحلال، وهذا من قلة العقل ونقص الدين.

وينبغي للمرأة أن يكون لها أسوة حسنة في نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وصبرهن واحتسابهن مع وجود الغيرة عند كثير منهن، فإن أقدم زوجك على الزواج بثانية فعليك بالصبر والرضا والإحسان إليه لتنالي أجر الصابرين والمحسنين.