الذي يحمل الآباء على توزيع التركة على البنات قبل الموت تخوفهم على مستقبل أولادهم، وتخوفهم من مزاحمة الورثة لهم، ويبقى الورثة فقراء بلا عائل.

غير أن هذه المشكلة قد حلها الإسلام منذ زمن بعيد فيما يعرف بقانون النفقات، حيث يوجب الإسلام على القريب الغني أن ينفق قريبه الفقير حتى يستغني حقا عليه لا تفضلا منه.

ولو أن هذا الواجب مطبق في دنيا الناس لما أعوز الناس إلى هذا الإجراء.

وعلى أية حال فإن البنت ستملك وحدها نصف التركة دون أن يزاحمها أحد فيه إن كانت واحدة وإن كن أثنتين فاكثر فلهم الثلثين، وللزوجة الثمن، وما بقي – وهو قليل جدا بعد خصم النصف والثمن- هو من نصيب الأعمام.

ثم إن ما سيأخذه الأعمام ليس تفضلا من أحد ، بل إنه حقهم الشرعي سواء أكان بينهم ود وحب، أو كان بينهم بغض وكره.

وعلى هذا، فالواجب على الأب ألا يفعل هذا الأمر ، وليدع التركة توزع حسبما شرع الله تعالى.

يقول ابن قدامة في المغني – من كتب الحنابلة -:-

قال أحمد : أحب أن لا يقسم ماله , ويدعه على فرائض الله تعالى , لعله أن يولد له , فإن أعطى ولده ماله , ثم ولد له ولد , فأعجب إلي أن يرجع فيسوي بينهم . يعني يرجع في الجميع , أو يرجع في بعض ما أعطى كل واحد منهم ليدفعوه إلى هذا الولد الحادث , ليساوي إخوته .

فإن كان هذا الولد الحادث بعد الموت لم يكن له الرجوع على إخوته ؛ لأن العطية لزمت بموت أبيه , إلا على الرواية الأخرى , التي ذهب إليها أبو عبد الله بن بطة ولا خلاف في أنه يستحب لمن أعطي أن يساوي أخاه في عطيته , ولذلك أمر أبو بكر وعمر رضي الله عنهما , قيس بن سعد , برد قسمة أبيه ليساووا المولود الحادث بعد موت أبيه.

يقول الدكتور على محيي الدين القره داغي :

الشريعة الإسلامية جعلت قسمة الأموال، لله سبحانه وتعالى؛ ولذلك سميت بفريضة الله في كتابه العزيز، فمن هنا فالمفروض أن لا يتصرف المورث في أمواله بل يترك تلك الأموال لما بعد موته، حتى تطبق عليها شريعة الله سبحانه وتعالى في الميراث، إلا إذا كان الشخص يخاف من تطبيق بعض القوانين التي لا تتفق مع شرع الله، فحينئذ له الحق أن يتصرف في بعض أمواله فيوزعها حسب الإرث الشرعي فيما لو مات، ويكون ذلك في نظر الشرع تمليكا من الوالد لأولاده وليس من باب الإرث؛ لأن الإرث إنما يتحقق بعد الموت، وقلت بأنه في بعض أمواله وليس في كل أمواله حتى يترك المجال فيما لو وجد وارث آخر غير الموجودين لا يُحرَم من حقه.

والله تعالى أعلم.