مذهب الجمهور أن المأموم لا يقرأ الفاتحة، ولا غيرها خلف الإمام في الجهرية إذا كان يسمع قراءة الإمام مستدلين بأدلة منها:
1. قول الله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون ) [الأعراف: 204] وقد ثبت عن جماعة من السلف أن المقصود بهذه الآية الإنصات إذا قرأ الإمام.
2. حديث أبي هريره رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا” والحديث في المسند وغيره ونُقِل عن الإمام مسلم تصحيحه له.

وذهب الشافعية إلى أنه تجب قراءة الفاتحة على المأموم، في الجهرية والسرية على السواء خلف الإمام، مستدلين بالأحاديث التي فيها وجوب قراءة الفاتحة، من غير فرق بين الإمام والمأموم والمنفرد، كما في الصحيحين وغيرهما من حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب”. وأصرح منه ما في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما من حديث عبادة أن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال: “إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم”، قلنا: يا رسول الله إي والله. قال: ” لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها.

وقد تبين مما تقدم أن المسألة مختلف فيها بين أهل العلم سلفاً وخلفاً، وكل فريق له أدلته، ويرد قول الفريق الآخر لضعف أدلته، أو لعدم دلالتها على محل النزاع، حسب رأيه. فالأحوط للمأموم أن يقرأ الفاتحة خلف الإمام في الجهرية، والسرية جميعاً، للخروج من الخلاف، لأن من قال بوجوب القراءة خلف الإمام يرى بطلان صلاة من تركها.
وبناء على ما سبق فمن أخذ بالرأي القائل بوجوب قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية يجب عليه أن يقرأ الفاتحة حتى وإن شرع الإمام في قراءة السورة ولم يترك وقتا يتمكن فيه المأمون من قراءة  الفاتحة،

ومن ذهب من العلماء إلى القول بوجوب الفاتحة في حق المأموم سواء كانت الصلاة سرية أم جهرية قال إن القراءة تسقط في موضعين:

الأول : إذا أدرك الإمام راكعا ، فإنه يركع معه ، وتحسب له الركعة وإن كان لم يقرأ الفاتحة .

ويدل على ذلك : حديث أبي بكرة رضي الله عنه أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلا تَعُدْ ) رواه البخاري ( 783) .

ووجه الدلالة : أنه لو لم يكن إدراك الركوع مجزئاً لإدراك الركعة مع الإمام لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء تلك الركعة التي لم يدرك القراءة فيها , ولم ينقل عنه ذلك , فدل على أن من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة .

انظر : “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (230) .

الموضع الثاني الذي تسقط فيه الفاتحة عن المأموم :

إذا دخل مع الإمام في الصلاة قبيل الركوع ولم يتمكن من إتمام الفاتحة ، فإنه يركع معه ولا يتم الفاتحة ، وتحسب له هذه الركعة .

قال الشيرازي رحمه الله في “المهذب” : ” وإن أدركه في القيام وخشي أن تفوته القراءة ترك دعاء الاستفتاح واشتغل بالقراءة ; لأنها فرض فلا يشتغل عنه بالنفل , فإن قرأ بعض الفاتحة فركع الإمام ففيه وجهان : أحدهما : يركع ويترك القراءة ; لأن متابعة الإمام آكد ; ولهذا لو أدركه راكعا سقط عنه فرض القراءة . الثاني : يلزمه أن يتم الفاتحة ; لأنه لزمه بعض القراءة فلزمه إتمامها ” انتهى .